سياسة مجتمع اقتصاد

2010/03/03

المفاوضات مع إسرائيل...شرعنة عربية للجرائم الصهيونية.

قرر العرب على مستوى وزراء الخارجية استئناف "مسلسل حنينهم للمفاوضات" مع الدولة العبرية المحتلة...وبهذه الخطوة في هذه الظروف بالذات تنطلق النكسة مجددا بشرعنة عربية... بعد أن أقبرت إسرائيل ما تسمى عملية "السلام" وألقت بالمبادرات العربية في غياهب الذل والنسيان...ووسعت دائرة الانتهاكات ،والاعتداءات على كل العرب والمسلمين عبر عمليات الاغتيال،وتنفيذها لخطوات التهويد للمقدسات الإسلامية وتهجير الفلسطينيين من القدس دون أن تتنازل قيد أنملة عن مخططاتها الهادفة إلى تهويد كل فلسطين والعرب وإتمام محاولات بسط نفوذها على المنطقة بأكملها وإخضاع قادتها وشعوبها...
لقد تدحرج محمود عباس،والفريق العربي الساعي "للمفاوضات الخديعة" عن عرش شروط بدء المفاوضات مع حكومة نتنياهو "وليبرمان" بدوافع عربية ..وألقوا وراء ظهورهم بشرط وقف الاستيطان.. وتدريجيا تزحلق الجميع للمستنقع القديم –الجديد "المفاوضات" وأصبح شوق وحنين اللاهثين وراء الوهم غير قادرين على توقف اللقاءات والقبلات ..والضحك والقهقهات مع قادة المجازر في غزة وجنين...في فلسطين ،وقانا الأولى والثانية في لبنان...والقائمة مازالت على مقاعد الانتظار ستأتي حتما آجلا أم عاجلا إن لم يتعقلن من ركبوا رؤوسهم وطأطئوها.. لأن هواة سفك الدماء العربية لا يستطيعون العيش بسلام وبدون دماء...كما لم يستطيع بعض العرب الصمود والتحدي والتوحد...وتلك هي مأساتنا منذ عقود طويلة.
السؤال الذي فرض نفسه خلال كل المهازل التي نعيشها في صراعنا مع دولة عنصرية قبيحة المنشأ والسياسة ..ولا تملك من ثقافة العيش مع الآخرين سوى ثقافة احتقار الآخر،والاستهانة به...ولا تفهم إلا لغة القوة ...وكلما تنازلنا لها عن حقوقنا تحت عنوان "السلام" صفعت طلاب الاستسلام ..وعربدت أكثر فأكثر ومن تابع ويتابع سياسة هذا الكيان المصطنع منذ زرعه في خاصرة المنطقة يتأكد من أننا رضخنا إلى حد الذل...وهي تمادت في جرائمها إلى حد التهور والعهر السياسي والعسكري ..فهي تتقدم في مخططاتها..ونحن نتأخر في الدفاع عن حقوقنا ومقدساتنا...وهي تتمرد ونحن نمعن في الخضوع والاستسلام..هذا السؤال هو إلى متى نغطي جرائم إسرائيل بقبة المفاوضات العبثية !؟
إن الأزمات المتعددة التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية ما هي إلا احتدام لأزمة ضعف المفاوضات التي نعاني منها..وانعدام نتائجها الإيجابية منذ القدم فلا "كامب دفيد المشؤومة" حققت الأمن والاستقرار وفض النزاع والحروب بمصر وجوارها.. بل عممت الإنحناء..ولا "واد عربة" تقدمت بالوضع في المنطقة إلى الهدوء والاستقرار داخل الأردن وخارجه..ولم تؤثر هذه المعاهدة في تغيير النهج الإسرائيلي المتعجرف الذي مازال حلم تهجير أهالي الضفة إلى عمان وسكان غزة إلى سيناء يراود الصهاينة..ولا "أوسلو الفضيحة" التي وافقت عليها إسرائيل،ولم تحترمها حققت إنجازا يذكر رغم أنها فرطت في معظم وأهم حقوق الشعب الفلسطيني بل لم يعترف بها الكيان الصهيوني نفسه رغم حماية بنودها لوجوده وإعطائه حقوقا ليست من حقه..ولا المبادرات العربية والاتفاقيات السرية والعلنية ظفرت منها الشعوب المقهورة بالغطرسة الإسرائيلية بمغنم..بل تعاظمت الجرائم الوحشية بحق أصحاب الأرض والحق..
لقد أصبحت ورقة التفاوض مع إسرائيل أهم الأوراق بالنسبة إليها لأنها مضيعة للوقت..وتفسح المجال للمحتل لمزيد قضم الأراضي الفلسطينية،وتهويد كل المقدسات الإسلامية، والقضاء على حلم الدولة الفلسطينية التي غاب الأمل فيها كما غاب أمل عودة الباحثين عن السراب ووهم "السلام" إلى صوابهم والكف عن الهروب إلى الأمام لأن البحر أمامهم وإسرائيل وراءهم...ولا مخرج لهم إن كانوا بحق يبحثون عن الحفاظ عن الأرض والكرامة والأصل والفصل....سوى التصدي للعدو الصهيوني وجرائمه بالأساليب التي يفهمها..والدروس الواقعية عند المقاومة في لبنان وفلسطين إن رغبوا فهمها..
المعيب والمخجل أن معظم المجموعة العربية والدولية التي مازالت تتمسك بهذا المزيج من التسويف والخداع معا...وتمعن في الاستمرار في النهج التفاوضي دون ثوابت ومواقف واضحة من الأحداث الجارية على أرض الواقع... خصوصا وأن أطراف التفاوض لا توازن بينهما...واحدا يفاوض من موقع القوة بيده الرشاش وعلى أعتاب غرفة الحوار الدبابة والجرافة...والجنود منتشرون كالفئران المذعورة...والثاني بيده قلم للتوقيع على أملاءات الطرف الأول... ويسمع ولا يتكلم ولا يمتلك سوى حق الإمضاء على البيع النهائي للبشر والحجر..وشتان بين هذا وذاك.
من المضحك –المبكي أن الفريق العربي الذي ينفخ في جسد ميت يدرك مدى عقم المفاوضات ويستمر فيها..ويعرف مسبقا أن الخيارات لديه محدودة جدا وليس بإمكانه أن يتوصل إلى حلول. لأن هذا الفريق يبدو أنه أصبح مغرما بالمفاوضات ويحن إليها كما صار" قطيعا" كبيرا من الشعوب العربية مغرمة بالمسلسلات المكسيكية والتركية وتحن إليها كلما توقفت عن البث في قنواتنا التلفزية التي لا تعرف غيرها من البرامج المفيدة..وتجاهل الداعين للمفاوضات أنهم بين مطرقة المقاومة التي لن تترك عمليات البيع تستمر... والتنازلات تمرر..وبين سندان إسرائيل التي لم ولن تعطي الحقوق لأصحابها بما تسمى "المفاوضات" التي فرضها عجز الدول التي تسمى "راعية للسلام" عن إجبار إسرائيل الاستجابة لشروط ومتطلبات السلام العادل والشامل...والمستعربين مجرد أدوات لتمرير ما يطلب منهم من حكومة بلاد العم سام .

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية