سياسة مجتمع اقتصاد

2010/01/11

الحكومة الإيرانية أمام اختبار صعب...

دخلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مستنقع خطير دبر لها سلفا وأصبح مستقبل الثورة على المحك ،واختبار قدرة حكومة طهران على تجاوز المرحلة الدقيقة والحساسة في الميزان لأن ما يجري في إيران حاليا ليس بمحض الصدفة كما ليس على خلفية نتائج الانتخابات الماضية التي فاز بها أحمد نجاد بحق وشفافية وهو الأجدر والأنفع للمرحلة القادمة التي تعتبر مرحلة مفصلية في الدولة الفارسية التي عرفت منذ نشأتها اضطرابات وتحولات عميقة خاصة بعد حلول الثورة الإسلامية بقيادة رجل الدين الإمام الخميني في مطلع الثمانينات ورغم ما حدث حينها من اضطرابات وفوضى عارمة سادها القتل والتصفيات كلغة رئيسية بين المتصارعين زاد في تأجيج النيران الملتهبة الخوارج والإمبرياليين الأعداء لإيران الثورة ولكل من يمت للإسلام بصلة وكذلك اندلاع الحرب "الكارثية" بين العراق وإيران في تلك الظروف الصعبة ظن كل المراقبين أن الثورة لن تستمر ونهايتها حتمية لكن نتائج للمصطادين في الماء العكر جاءت مغايرة بعد ثمان سنوات من الحرب الشعواء بين البلدين الجارين المسلمين ....بفضل قوة وحكمة الإمام ورفاقه والتفاف أغلب الشعب الإيراني حولهم غيروا الحلم إلى حقيقة وانتهت الحرب ونجحت الثورة وتقدمت إيران في كل المجالات ومنها العسكرية على وجه الخصوص...
لكن اليوم تعيش إيران وضعا مختلفا بكل المقاييس فهي تمتلك عناصر القوة أكثر من عناصر الضعف ورغم ذلك ليس من السهل على حكومة نجاد إخراج إيران من عنق الزجاجة التي أوقعتها فيها الأحداث الداخلية التي هزت أركان الثورة وصدعت اللحمة بين كل الفئات الشعبية والنخب السياسية وخسرت من جرائها أهم العناصر المربكة لسياسة أعداء إيران الكثر والمتعددين ومن بينهم عرب ومسلمين خاصة وهي التي تحيط بها دولا إسلامية تتوجس كثيرا من السياسة الإيرانية التي يعتبرونها مشكلا للمنطقة وليس جزءا من الحلول لتحقيق مزيد من الأمن والاستقرار ..ومن بين هذه الدول خاصة العراق التي تشهد علاقاتها بطهران توترا مستمرا ،وانتقادا للتدخل الإيراني الذي تعتبره فئة كبيرة من الشعب العراقي والشعوب العربية تغلغلا مشبوها وغير مسبوق في الداخل العراقي ويقرون بسيطرتها على كل مفاصل "الدولة" وهذا الأمر يجب أن تنتبه إليه حكومة نجاد لأن المحور العربي وخاصة السني لن يسمح لإيران باغتصاب العراق تحت أي مسمى مهما طال الزمن رغم تركهم لها مستباحة ومحتلة من طرف أمريكا والمخابرات الصهيونية والدولية وأصبحت حلبة الصراع بين مشاريع الكبار ..وستبقى كذلك في ظل الوضع الراهن وصراع النفوذ وعجز المحور العربي وتخاذل البعض منهم ... لأن العلاقة بين إيران والعالم الإسلامي السني مازالت تتلمس خطواتها الأولى وقابلة للذوبان سريعا.. ولباكستان التي تشهد بدورها وضعا لا تحسد عليه وهي في طريق الفوضى العارمة والشاملة وربما أكثر من ذلك وهاتين الدولتين المهمتين في الصراع بين أمريكا وطهران لا زالت تسيطر عليهما الولايات المتحدة الأمريكية بكل قوة والحل والربط بيدها الطولة والقذرة...
وإذا عدنا إلى الوضع الداخلي الإيراني الذي أوقع الحكومة بين المطرقة والسندان إذ أنها لن تستطيع تصفية معارضيها في الداخل بالقتل والإعدامات وتقبض على الجميع بقوة النار لأنها ستخسر كثيرا من وراء هذا الخيار المر وأول ما ستخسره هو التعاطف الشعبي في كل مكان لأن أسلوب التصفية مرفوض من كل شعوب العالم الطامحة لتحقيق الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير وحق النخب السياسية والمثقفة في المعارضة لسياسة الأنظمة وبذلك تصبح طهران فريسة سهلة لأمريكا ولإسرائيل وحلفائهما في المنطقة والعالم ...
وإذا تساهلت مع محدثي الشغب والمعارضين الذين لن يعودوا بسهولة إلى حضن الثورة والقبول عن طواعية لسياسة حكومة نجاد التي عليها اختيار حلولا وسطية اقل مرارة وخطورة على مستقبل إيران الذي أصبح على فوهة بركان نتيجة الضغوطات الخارجية وتشديد الخناق عليها من عدة جهات وجوانب لأن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه...وأحيانا كثيرة تجري الرياح الدولية بما لا تشتهيه بعض الأنظمة والساسة خاصة في العالمين العربي والإسلامي اللذين تآكلت عناصر قوتهما وفي مقدمة هذه العناصر الوحدة والتوحد في مجابهة المخططات الجهنمية التي تحظر وتطبخ في عدة مواقع دولية للقضاء المبرم على كل قوة عربية أو إسلامية تمثل عائقا أمام توغلهم وهيمنتهم على ما تبق من مقدرات شعوبنا الكئيبة والحزينة والذليلة...
كما على المجموعة الدولية وخاصة العربية أن تتعقلن وأن تضع في حساباتها السياسية وحتي العسكرية أن سقوط حكومة إيران عبر دعم المعارضين في الداخل وإحداث فتنة كبرى بين الشعب الإيراني الثائر على الثورة ، أو الاعتداء عليها عسكريا سيكون هذا الأمر ضربة قاسمة وحاسمة لأمن العالم والمنطقة وستتطاير شرارات اللهيب لتحرق عدة بؤر أخرى تعتبر نفسها في أمان ...وستعود عقارب الساعة إلى الوراء ويدفع العالم العربي الضريبة كعادته في المقام الأول ولن يبق من هو في منء عما يجري في الداخل الإيراني وخارجه لأن إيران ورغم مآخذنا عليها في بعض سياستها الخاصة بعلاقتها مع العرب وزج نفسها في مواضيع هي في غنى عنها.. تبقى المحور الرئيسي والمهم في كل الحلول والتسويات الإقليمية والدولية التي تحفظ حقوق شعوبنا ومصالحها وماء وجه سياسينا الذين وللأسف الشديد مازال البعض منهم يضع رأسه في الحائط ومستمرين في غيهم دون ان يضعوا في حساباتهم نتائج عدم استقرار الوضع في إيران أو الاعتداء على منشآتها النووية السلمية التي ستدافع عليها حكومة نجاد بكل ما تملك من قوة في ظل عدم مرونة الأمريكان الذين تدفع بهم الحركات الصهيونية إلى الجحيم بالتصعيد ضد إيران وتهديدها المتنوع والمختلف...

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية