سياسة مجتمع اقتصاد

2009/12/04

برميل البارود ينتظر رصاصة الرحمة...


نحن على أبواب إنقضاء السنة الحالية 2009 ،هذه السنة " الكبيسة"التي كانت بدايتها نهياية الجزء الثاني من المجزرة الفضيحة التي ارتكبتها إسرائيل بحق العزل من الأطفال والنساء في قطاع غزة من أجل تركيع سكان القطاع كما ركعت من قبل معظم المحور العربي لكن جبروتها وكبريائها ،ودعم الداعمين لها خاصة ,لائك الذين لا يعرفون أن الشجر يموت واقفا ،وأن سلاح المقاومة زينة الرجال... فتكسروا جميعا على صخرة الحق والكرامة والعنفوان للمحاصرين منذ سنوات في رقعة جغرافية لا تكاد تذكر مساحتها على الكرة الأرضية ...لكنها كبيرة بأهلها وشامخة بالعزة والكرامة كشموخ أشجار الزيتون هناك رغم المحاولات الصهيونية لاقتلاعه من الأرض كما حاولت وتحاول اقتلاع أصحاب تلك الأرض من أصلهم الثابت ....

عند مطلع هذه السنة كانت آمال وطموحات أحرار هذا العالم بلغت عنان السماء عند البعض منهم وخاصة العرب الذين تعودوا على الأحلام دوما لأن معظمهم في سبات عميق وكادوا أن ينافسوا أهل الكهف في ذلك ،وعندما يستفيقوا نتمنى عليهم العودة إلى مواضعهم حتى لا يفسدوا ما صلحه الصالحون... خصوصا بعد أن أفتتح باراك حسين أوباما هذا العام بكلام معسول ،وخطب رنانة ووعود لا حصر لها فظن أغلب الحالمين و الحاملين لهموم هذه الأمة أن "المهدي المنتظر" خرج من بلاد "العم سام"...فألقت المجموعة العربية بكل أوراقها ،ومبادراتها وحتى حاضرها ومستقبلها في خزينة البيت الأبيض وجلس الجميع ينتظرون الكهل الأسمر أن يفتح الأدراج ويخرج منها كل الودائع المتعفنة ففعل ذلك وأصيب برائحة كريهة فألقى بها بسرعة في المزابل الإسرائيلية لعلمه مسبقا عن المكان الذي ستحفظ فيه كما أودعت نفاياتهم السابقة .....

مرت الأيام والشهور تلاحق بعضها البعض بسرعة كسرعة بناء جدار الفصل العنصري فوق الأراضي الفلسطينية المغتصبة والمقطعة الأوصال...لكن بأقل وتيرة من انهيار تلك الوعود والأحلام الزائفة مثلما سقط جدار برلين....وانهيار الأمة وتفكك العالم ...وضاع سلام الوهم المرتقب...وتلاشت الرغبة "الجامحة" في إحلال العدل والمساواة بين الشعوب والأقطار ،والقضاء على الفقر والتشرد ،وإسكان ملايين الأبرياء من هذه الأمة الكئيبة في منازل بأوطانهم بدلا من خيام الهجرة والتهجير القصري وما أكثرها في يومنا هذا في وطننا العربي الذي أصبح لاجئا في مخيمات السياسة الدولية الرديئة والمنحازة والغير عادلة....فأصبح الإحباط والقنوط مرة أخرى جاثمين على القلوب والعقول ،ولا سبيل لنا للتخلص من الألم والمرارة التي خلفها أولائك الذين ضحكوا علينا وصدروا لنا حقن متجددة من حقن التخدير التي تناولتها شعوبنا عن طواعية وفي أغلب الأحيان تحت التهديد والوعيد....

لقد عادت الصراعات ،والخلافات من أوسع الأبواب وبدأت تنكشف الألاعيب والمخططات الخبيثة الهادفة بالأساس إلى مزيد تشتيت العرب والمسلمين وتفكيك ما تبقى من لحمتهم وإغراقهم في بؤر نزاع متنقلة بينهم فتعطلت لغة الحوار السلمي بين أمريكا والغرب من جهة وإيران من جهة أخرى بشأن البرنامج النووي السلمي لطهران ،وماتت في المهد الفكرة "الأوبامية" ونواياه بأخلاء العالم من الأسلحة التدميرية والنووية ...ليحل محلها "الأورانيوم" الإيراني لا غير....وكأن أكثر من 220 رأس نووي يمتلكها الكيان الصهيوني لا تهدد أمن واستقرار العالم بأسره ....ولأجل ذلك عادت نبرة التهديد والوعيد تجاه الحكومة الإيرانية تتصدر الواجهة الأمامية للخطاب الأمريكي وحلفاء واشنطن....وللأسف الشديد هناك من بعض "المستعربين" من تجند عن طواعية ضد السياسة الإيرانية وبدون مقابل يستفيد منه شعبه والمنطقة على الأقل للوقوف في وجه ،ونصب لها العداء العلني و المجاني للجمهورية الإسلامية فتخندق في الحفر الإسرائيلية لمساندتهم للتصدي لما يسمونه " الإمتداد الشيعي" كما فعلوا إبان الحرب القذرة التي تواطؤا خلالها على المقاومة الفلسطينية شتاء العام الماضي ومازالوا على عهدهم مستمرون في غيهم الذي أوصل المنطقة برمتها للانحطاط الحالي دون أن يدركوا أن ما تعرض له العراق الشقيق لن يتكرر مع إيران التي إتعضت بالدروس الماضية من مصائب التنازلات العربية وجهزت نفسها لرد الصاع صاعين في صورة تعرضها إلى هجوم عسكري عدواني ،وستحول المنطقة إلى كرة من النار يكونون هم أول ضحاياها ...ويدفن إلى الأبد حلم الوراثة والتوريث "للمزرعة الكبيرة"...

لقد عادت عجلة السياسة الدولية ،ومشاكل العالم تدور إلى الخلف بعدما ظهر بصيص من أمل تقدم حلولها إلى الأمام فتعقدت كل المسائل وتوسعت بؤر النزاعات السياسية والعسكرية آخرها بين مصر والجزائر من أجل "ماتش كرة"فاتضح مدى هشاشة العلاقات العربية – العربية ، فتفككت تحالفات وبنيت أخرى وتدعمت جهة لمصداقيتها وصوابية خياراتها في حين منيت الضفة المقابلة بهزائم مدوية ستظهر نتائجها الوخيمة آجلا أم عاجلا ...والمؤسف أيضا أن كل الصراعات تدفع ثمنها باهظا القضية الفلسطينية ومن بعدها الشعوب العربية والإسلامية على حد السواء في ظل تدهور اقتصاد الأوطان وتفشي البطالة وأرتباك الوضع الداخلي لكل البلدان وبعض السياسيون على أخطائهم مصرون ومستمرون...

كما حمل العام الحالي في طياته هموما ثقيلة، ونزاعات جديدة أكثر شراسة وخطورة مثل ما يجري بين السعودية والحوثيين نتيجة المؤامرات والدسائس ،والألغام التي نصبت لكلا الطرفين(السعودية والحوثيون) من أجل عدم تحييد أي طرف عما يجري في المنطقة وإدخال الجميع في دوامة العنف والحروب ،والواضح أن السعودية تدفع ثمن عودتها لدمشق الحليف الإستراتيجي لإيران وللمقاومة العربية التي لا يعترف بها أصدقاء إسرائيل لأن المملكة ليست علاقتها على ما يرام مع طهران ،وكذلك مساعدتها- السعودية –على تشكيل الحكومة اللبنانية بالتوافق مع سوريا وهذه الإنجازات الهامة لصالح المنظومتين العربية والإسلامية لم ترضي واشنطن وإسرائيل ومن في ركبهما من "المستعربين" الذين شعروا بخطر ضياع دورهم ،وفقدان وزنهم وتأثيرهم إقليميا ودوليا مما أنجر عنه كذلك انهيار الوضع الداخلي الفلسطيني الذي كما قلنا هو الضحية الأولى والحلبة التي تتصارع عليها المشاريع الخارجية والمصالح الدولية في المنطقة...

إن الوضع الإقليمي إذا لم يجد عقلاء في المنطقة والعالم سينفجر قريبا نظرا لسير الأحداث بخطى حثيثة نحو الجحيم لأنه اليوم وأكثر من أي وقت مضى أصبحت الأوضاع عامة في مفترق طرق فهي كبرميل من البارود بطلقة رصاصة واحدة يحال العالم بأكمله إلى كرة من النار المشتعلة لا أحد بإمكانه إخمادها لأن إشعال فتيل الحرب سهل لكن إيقافها وتحديد نتائجها عسير على الجميع وفي مقدمتهم صناع الفتن ،واللاهثين وراء مكاسب ومغانم لا توجد إلا في خيالهم الأحدب...

1 تعليقات:

Blogger H.B.J يقول...

الكتابة غير واضحه الرجاء الكتابه بلون مناسب و تحسين مستوى تعاملك التقني مع المدونة اكتب في الورد مثلا ثم انسخ عل البلوغر .. مع احترامي الشديد سيدي الكريم .

الجمعة, ديسمبر 04, 2009

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية