سياسة مجتمع اقتصاد

2010/01/04

حرب الردة بين حكومة مصر والشعوب المنتفضة والإعلام الحر

سؤال محير شد أذهان معظم الشعوب المدنية، والأحزاب السياسية وكل الهياكل والتنظيمات في الشارع العربي بالخصوص المصري،وكل المتابعين للشأن السياسي والأمني الدوليين المتدحرجين إلى الأسفل. هو لماذا يسبح النظام المصري في السنوات الأخيرة ضد التيار العربي ومصالحه ،وأصبح النموذج السيئ للدور في كل القضايا الدولية والإقليمية ؟ومن خلال هذه المواقف الشعبية والحيرة من توجهات الحكومة المصرية وقسما من الإعلام المصري الموالي لها، اندلعت معارك إعلامية ضارية بين هذا النظام ومن يدعمه، وبين الإعلام الدولي والعربي بصفة خاصة المقاوم للصهيونية والمدافع عن الشعوب المضطهدة ...
ونتيجة للتاريخ المجيد ،والأدوار "الفولاذية" التي دأبت جمهورية مصر العروبة، والمقاومة والقومية، والقيادة ،والريادة... رفضت الشعوب العربية والإسلامية بكل مكوناتها ، وفي مقدمتها القسم الأوفر من الشعب المصري الذي حفر سناء وحررها من براثن العدو الصهيوني الذي هزمته وقهرته توجهات الراحل جمال عبد الناصر خلال حرب أكتوبر ومن قبله من ورث وزرع ،وأسس هذا العضو الخبيث في جسد الأمة -بريطانيا –هذا التغيير السياسي الغريب ،والمواقف الرسمية المصرية التي اعتبرتها هذه الشعوب "النكبة الثانية" مما نتج عنه احتراب سياسي بين الحكومة و نخب الشعب المصري، وكره للحكومة للمصرية لا سابق له على تراجعها المذهل في أدورها الأساسية وواجبها الإقليمي كقوة إقليمية لا يمكن تجاوزها عند البحث عن حلول لمشاكل وتعقيدات المنطقة التي طغت عليها الحروب والقتل والقتال بالمؤامرات والخيانات ،والتنازلات المذلة...
لقد كانت بلاد الفراعنة منذ سالف الزمان ،وعبر كل العصور والأزمان محط أنظار الأصدقاء ،ومطامع الأعداء، ومقصد الشرفاء والعلماء.. لكن منذ مطلع التسعينات اضمحلت هذه المميزات بعد أن تعاظم تراجع النظام هناك عن الاستحقاقات القومية ،والثوابت الوطنية ،وبدأ يتخلى عن واجباته دون أن يتركها لغيره في عديد المواضيع الإقليمية والدولية وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي هيمنت عليها التدخلات المصرية بلا فائدة طوال عقود من الزمن بحكم الروابط التاريخية والجغرافيا...وتعود الشعب الفلسطيني على مواقف مصر جمال عبد الناصر وسعد زغلول ،وجمال البنا والدهاء العسكري لسعد الدين الشادلي ورفاقه وعبقرية وقومية محمد حسنين هيكل وأمثاله ورفاق دربه... والآلاف من قادة الشعب المصري الذي أدخلته السياسة الحديثة في أنفاق مظلمة فقد بمفعولها ما تستقيم به حياة الشعوب الكريمة...
خلال العقدين الماضيين ،وخاصة العشرية الأولى من القرن الحالي ،في نظر الشعوب العربية والإسلامية ارتكبت الحكومة المصرية أخطاء سياسية قاتلة ،وتوخت مناهج دبلوماسية خارجية أضرت كثيرا بالوحدة العربية وكذلك الإسلامية بوقوفها في الصف المعادي لحكومة طهران ،وأدخلت نفسها في معارك جانبية لم تجني من ورائها سوى التشويه ونشر غسيلها على أسطح البنايات المتداعية للسقوط رغم الترميمات والديكورات التي أرادت بها تجميل القبيح ...دون أن تدرك أن القبيح يظل قبيحا ولو زين بكل ماكياج التبعية ،والانخراط في المنظومة الإمبريالية العالمية التي تقودها أنظمة دول عظمى ارتكزت سياستها على عنصرين هامين لا حياد عنهما ،ولا تفريط في واحد منهما هما مصالحها وهيمنتها المطلقة على مخزون ثرواتنا من جهة ،وتركيعنا أمام إسرائيل وجعلنا تحت رقابتها من جهة أخرى...
منذ الانتفاضة الثانية في الأراضي المحتلة وعدم اتخاذ الحكومة المصرية المواقف التي تتناسب وحجمها وثقلها السياسي إقليميا ودوليا ،رغم المجازر التي أرتكبها العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني الذي أستشهد من قادته الأفذاذ العشرات على غرار الرنتيسي ،وأحمد ياسين وطالت يد الغدر صديق الأنظمة العربية المناضل الشهيد ياسر عرفات الذي يشيد دوما بالدور المصري رغم عدم اقتناعه بذلك وحصاره من طرف شارون دون أن تحرك الحكومة المصرية ساكنا خير دليلا على ذلك ، وزج الاحتلال ببقية الشرفاء في سجونه كالقائد مروان البرغوثي ...
ومنذ ذلك الحين أنطلق مسرعا التراجع المصري ،وانطلقت معه الحرب الباردة بين الفعاليات الحية داخل الشارع المصري ،الإعلام العربي المقاوم من جهة والنظام المصري الذي قرر الهروب إلى الأمام من جهة أخرى إلى أن حلت الحرب الأمريكية وحلفائها عام 2003 على العراق فغاب مرة أخرى الموقف المصري المعارض للحرب وللأمانة كبقية الأنظمة العربية ما عدى البعض القليل منها مثل موقف الحكومة السورية التي تصدت بقوة لمبدأ الحرب وكادت أن تدفع الثمن لكنها جنت من المكاسب أكثر مما خسرت...ولم تمضي على هذه الحرب سوى ثلاث سنوات حتى اندلعت حرب تموز التي شنتها إسرائيل على لبنان وعاثت فيه بوحشيتها العسكرية فسادا وقتلا وتنكيلا...فحضر الموقف المصري مرة أخرى أكثر شذوذا وهروبا عن الصف العربي وكان سببا في إحداث شرخا عميقا في الجسم العربي المنهك والإسلامي المريض نتيجة تحميله المسؤولية لحزب الله وتوخي النظام المصري أسلوب التحريض على المقاومة اللبنانية التي انتصرت على إسرائيل فعمق انتصارها جراح كل الذين تواطئوا عليها وفي مقدمتهم الحكومة المصرية التي أحرقت سياستها بتلك المواقف المتخاذلة بنار باردة علاقة الشعب السوري بالشعب المصري التي تجمعهما روابط الدم والجهاد والاستشهاد لعقود طويلة...
لم تتوقف السياسات الخاطئة كما لم تتوقف الانتقادات الموجهة إليها إلى أن حلت "حرب الفرقان" بين المرابطين العزل في غزة وبين ف 16 الصهيونية والقنابل المحرمة دوليا ،والفسفور الأبيض الذي أحرق الأجساد الطرية البريئة وحول الأحجار إلى رماد. لكن الحرب المسعورة على الشعب الأعزل لم تحول الوجهة السياسية الخاطئة للحكومة المصرية إلى الاتجاه الصحيح الذي اتجهت إليه كل العقول الراشدة في العالم ما عدى بعض الشواذ الذين فقدوا البصر والبصيرة وأصبحوا في ظلمات لا يعمهون ...فتعرض النظام في مصر إلى محاصرة من طرف الإعلام المقاوم، والشعوب الحرة وشددت عليه الخناق بالحجة والبرهان على ضلالة سياسته فضرب عرض الحائط بكل رؤى المحبين لمصر والراغبين في دورها القومي العادل والصادق الذي تعودوا عليه مناصريها وعشاقها.. للحفاظ على الوحدة العربية ومكاسب الأمة التي ذهبت هباء منثورا بفعل ازدواجية الخطاب وميوله للضفة المعادية عبر غلق المعابر وبناء الجدار الفولاذي تحت حجة الحفاظ على "الأمن المصري"من محبيها وجيرانها الأوفياء لها دوما... فكان الشعرة التي قسمت ظهر مصر وهيبتها وكرامتها التي أصبحت في نظر شرفاء العالم في "القمامة" خاصة مع تزامن بناؤه مع منعها لقافلة "شريان الحياة"من الدخول لقطاع غزة المحاصر في ذكرى صموده أمام الحرب الصهيونية في ظل الفشل الذريع في هيمنتها على القضية و وساطتها الغير نزيهة في نظر الجميع بين حركات المقاومة الفلسطينية وسلطة عباس اللاهثة وراء السراب الإسرائيلي الذي تدعمه الحكومة المصرية وترفضه الأغلبية في الشارعين العربي والمصري بالتحديد...وستؤدي بكل الذين يغردون خارج سرب المصالح العربية والإسلامية إلى الهلاك المحتوم مهما حبكوا من مؤامرات ،ومهما زرعوا من ألغام سياسية في حقول العقلاء...

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية