سياسة مجتمع اقتصاد

2009/12/20

لا دخان بلا نار عن انتشار جدران العار

يبدو أن جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل وقطعت به أوصال الضفة الغربية وجزء من القدس ،وشتت العائلات الفلسطينية وقطعت به أوصال الدم والأرض في فلسطين المحتلة الجريحة منذ وعد بلفور المشؤوم أصبح غير كافي لخنق الشعب المناضل وتحويل غزة بعد حصارها الدولي بقيادة إسرائيل وشاركتها في الجريمة دولا عربية بطرق مختلفة لا تقل قسوة وفظاعة عن الحرب الصهيونية التي ارتكبتها إسرائيل أواخر الشهر الحالي من العام الماضي على القطاع وخلفت من المآسي والضحايا والمشردين تحت الخيام وفي العراء إلى حد الآن يعانون من الحصار وغلق المعابر وسد جميع شرايين الحياة عن الشعب الغزاوي الذي رفض الخضوع والخنوع وتصدى لكل محاولات الابتزاز والضغوط من أقرب المقربين إليه في التاريخ والجغرافيا من أجل إرغامه على رفع راية الاستسلام وتقديم صك الغفران لأصدقاء إسرائيل من أجل لقمة العيش التي تعود الكثير من "المستعربين" تناولها بالذل والعار والخيانات والانخراط في نسج خيوط المؤامرات الدولية لإخضاع كل المقاومين والشرفاء للمشاريع الأجنبية في الأمة التي أصيبت بداء الهزال الأبدي...
طفحت على السطح هذه الأيام أخبار عن بناء جدارا لفصل غزة عن مصر ،وتسربت هذه المعلومات المسمومة بطريقة خبيثة ومتدرجة كما تعودنا دائما قبل حدوث أي جريمة أو فضيحة بحق الشعوب المنكوبة وخاصة في الأراضي المحتلة فيسبق النار دخان أبيض يعقبه دخان أسود رائحته كريهة ولونه قاتم ونتائجه عار ودمار ...وهذه المرة ليست استثنائية والأخبار الرائجة عن بناء الجدار رقم 2 في فلسطين وبالتحديد بين مصر وقطاع غزة لما لهذه الحدود من ذكريات حزينة ومؤلمة وحتى اليوم مستمرة تنزف دما وألما ..
نزل الخبر على الشعوب العربية والإسلامية نزول الصاعقة ،وتناولته الألسن بالحرقة وقفزت إلى الأذهان الحرب القذرة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة وما لحق جمهورية مصر العربية من عار واحتقار نتيجة غلق الحكومة لمعبر رفح ورفضت إدخال المساعدات الغذائية والطبية للمنكوبين من الحرب واعتبرت حينها كل شعوب العالم هذه الخطوة مشاركة فعلية في الجريمة والعدوان على قطاع غزة وتضرر الشعب المصري كثيرا من تلك السياسة القاتلة وصارت مصر العروبة في نظر الكثيرين وصمة عار على جبين الأمة والعالم الحر والأدهى والأمر لم تبالي الحكومة المصرية بما فعلته واستمرت في غيها إلى الآن لا وبل تخطط لقيام جدار فصل عربي هذه المرة لتضع به حدا نهائيا للوحدة العربية وتعمق جراح الخلاف وتدفن بهذا الجدار الجامعة العربية ،والإتحاد العربي ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة المؤتمر الإسلامي ...وما لف لفهم إلى أبد الآبدين...
من المفارقات الغريبة ،والمتناقضات العجيبة أن مصر هي الوسيط بين فتح وحماس من جهة وبين حماس وإسرائيل فيما يخص موضوع تبادل الأسرى وفشلت في ذلك فشلا ذريعا في كلا الوساطتين لأنها ببساطة لم تكن نزيهة ولم تقف على مسافة واحدة بين الطرفين الفلسطينيين فتح وحماس التي تعتبرها الحكومة المصرية المزعج الأول والجار الغير مرغوب فيه رغم وضعها لكل ثقلها حتى تنفرد بالقضية الفلسطينية وتحتكر التدخل في كل شؤونها حتى بعد اقتناعنا الراسخ وفي مقدمتنا الشعب المصري بأن هذا الدور بات العبء الأثقل على القضية الفلسطينية ،والمشوش الرئيسي لكل الخيارات الوطنية النضالية للشعب الفلسطيني...
لقد أغلقت الحكومة المصرية معبر رفح المنفذ الرئيسي والمتنفس الوحيد لسكان غزة وساهمت في تدمير أنفاق الموت التي يقتات عبرها أهل القطاع من الفتات من أجل البقاء على قيد الحياة تحت مقولة"وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه" ولا نعلم عن أي أمن وحماية يتحدثون والصهاينة يرتعون ويمرحون في سناء في مصر عموما بلا حسيب ولا رقيب ...وبدأ النظام المصري يتنازل بوتيرة متسارعة عن أهم الروابط القومية ،وانحنى لذل العاصفة حتى لا تقتلعه من منصب بات ووجوده فيه يضر بالشعب المصري قبل غيره... أما االشعب المحاصر في قطاع غزة يدركون أن هناك أناس بجوارهم فرضت عليهم الحياة وجودهم على نفس الرقعة الجغرافية وليس لهم بدا من التعامل مع والواقع في ظل الإنحدار العربي والإسلامي ويصافحون أيادي يدركون مدى تلوثها ويغمضون أعينهم عن حلم جميل حتى لا يستيقظوا على الواقع المؤلم...

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية