سياسة مجتمع اقتصاد

2009/04/27

العمل ،العمال... و المرأة النموذج...

ظلت العلاقة بين أصحاب المؤسسات أو "الأعراف" و العمال عبر العقود الماضية لم ترتق بعد إلى مستوى الوعي العام، و الشعور بالمسؤولية خاصة من طرف العامل الذي يعتبر أن صاحب المؤسسة الذي يرتزق منها كأنه خصم أو يستغله ... و مهما قدم العرف للعمال من حقوق و مجالات فإنّهم لن يرضوا عنه هذا ليس دفاعا عن أصحاب الأعمال، فأنا واحد من العاملين الكادحين.لكن نريد أن نرتقي بالعلاقة بين الطرفين إلى مستوى أعلى وأفضل علاقة تسودها الثقة المتبادلة، و المصلحة المشتركة و يكون هدف الجميع نجاح المؤسسة بدرجة أولى.لأنه اليوم في ظل الأزمة المالية التي بدأت تشدد قبضتها، و تطبق على الجميع في العالم و تكون الضحية الأولى لهذه الأزمة الطبقة الشغيلة...

اليوم العالم بأسره، يعاني مشكلة جوهرية، اسمها البطالة، حتى قبل دخول الأزمة. لكن بعد مجيء هذا الضيف ثقيل الظل تفاقمت الصعوبات و أحيل ملايين العمال على مقاعد البطالة الإجبارية. دفعتني لهذا الكلام ،أولا التجارب التي عايشتها في الوسط العمالي ومع أصحاب الأرباب ثانيا، نموذج رائع يستحق الذكر و التنويه كما يستحق أن يكون قدوة للأجيال الصاعدة في هذا الزمن، زمن ارتباط الشهادات العلمية بالبطالة وما أدراك ما الشهادات العليا...، وما أتعس البطالة وما أقساها ... فبالرغم من هذه الظروف القاسية التي أصبحت فيها الوظيفة عملة نادرة...وحلما صعب المنال...بل تكاد تكون مستحيلة. إلا أننا نجد البعض من حاملي الشهادات العليا لا يرغبون إلا في التدريس أو في عمل "خفيف و نظيف" ، وفي الضفة المقابلة نجد نماذج أخرى تضرب أروع الأمثلة في التحدي و الصبر و الخروج عن المألوف، و تستحق أن تكون نموذجا رائعا يعبر بصدق عن حقيقة التونسي المبدع المقدام... و من بين هؤلاء القلائل أو ربما هي حالة شاذة عنهم، السيدة "ضحى مجدوبي"، متحصلة على الأستاذية في الأنقليزية، تشتغل ولكن ليس كأستاذة كما ترغب الأغلبية من حاملي الشهادات في مثل هذا الاختصاص،بل تعمل في مؤسسة "بلزونة" المؤسسة الرائدة في التكنولوجيا الجديدة في الإصلاح، ليس كموظفة في مكتب مكيف و جهاز حاسوب... و هاتف يرن من أجل شيء....ومن أجل اللا شيء...وتتجمل صباحا مساء بأغلى أنواع الماكياج والعطور بل تعمل على أرض الواقع ، في أماكن لا يمكن وصف صعوبتها و أحيانا في البحر و تحت الماء و أحيانا أخرى معلقة بين الأرض و السماء، وما بينهما في غالب الأحيان في الأنفاق و الحفر و في الصحراء، تتولى خلط المواد المستعملة للإصلاح و تقوم بذات المهمة في ظروف لا يمكن وصف صعوبتها و مخاطرها صيفا وشتاء ،مهمة قد لا يقدر على القيام بها رجال أقوياء أشداء خاصة البعض من شباب اليوم الذي لا يريد أن تلوث يديه ببعض الغبار...

فعندما كنت أدير الحوار مع السيد عبد الستار عروة وكيل الشركة أطلعني على بعض الصور فسألته عن مدى صعوبة العمل و هل هناك من يرغب في مثل هذا التحدي كشف عن إحدى الصور، بل عشرات منها للسيدة ضحى مجدوبي وهي في وضعية عمل لا تصدق، بل هي مغامرة فريدة... ترتدي الزي المهني بكل وسائل الوقاية والحماية التي توفرها الشركة ، تتولى مع بعض زملائها إصلاح أنابيب الغاز و جدران الأنفاق المشققة، و مضخات المياه ... وغيرها و أطلعني كذلك السيد عبد الستار عروة على عشرات الصور الأخرى لهذه السيدة خارج أوقات العمل في حالة لا يمكن أن تكون تلك المرأة التي نتحدث عنها... التي أقل ما يقال عنها أنها إمرأة كألف رجل، بل يمكن أن تكون هذه السيدة درسا ونموذجا في التحدي الذي اختارته عن طواعية وأبدعت فيه، حيث أنها عشقت عملها إلى حد كبير مما جعلها محل احترام و تقدير من طرف مسئولي الإدارة الرئيسية في إنقلترا. و عندما تشاهدها بعد العمل وفي حياتها اليومية ترى أنها سيدة مهذبة ، لطيفة وجميلة... تتسم بصفات المرأة العادية التي تقوم برسالة المرأة التي بعثت من أجلها للحياة...و ربما سيكون في فرصة قادمة لنا ولكم معها حوار. حتى يتعلم الدرس من يريد أن يقتدي بالنماذج العليا...



0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية