سياسة مجتمع اقتصاد

2009/06/28

حوارأضحوكة ومهزلة الاعتقالات...

غريب أمر القضية الفلسطينية والأغرب منها الوضع الداخلي الذي أصبح مقرفا ومقززا إلى حد الغثيان والهذيان فإسرائيل تحتل أرض المعراج وتهود القدس وتشرد أهلها وتعتقل شرفاء الشعب الفلسطيني يوميا وبسجونها أكثر من 11 ألف أسيرا وزعماء هذا الشعب المنكوب يتحاورون لشهور وسنوات تحت طلقات البنادق ويعتقلون بعضهم البعض ويتفاوضون على إطلاق سراح أبنائهم من سجونهم وكأن بعضهم محتل البعض الآخر إنها النكبة ما بعدها نكبة في هذا الزمن الردئ كرداءة البعض الذين يزعمون القيادة .فالكيان الصهيوني ضرب ويضرب بالقوانين الدولية ومطالبة زعماء هذا العالم بإيقاف الاستيطان عرض الحائط ويعذب الشعب الفلسطيني يوميا بمئات الحواجز المتناثرة في كل مكان ويحاصر بقية الشعب الذي خلفته آلته الحربية الصهيونية على قيد الحياة يتضرع جوعا وألما ويندب حظه المنكود الذي جعله بين مطرقة قادة يتنازعون على اللاشئ ومختلفون في كل شئ وبين سندان عدو لا يرحم ولا يعرف للرحمة معنى وللأنسانية عنوانا .
فحتى التغييرات الدولية الحاصلة على مسرح الأحداث والقضية الفلسطينية تتصدر الطليعة لم تغير مواقف البعض الذي ركب سفينة خاطئة فقدت البوصلة وتخلى عنها أغلب ركابها وهم لا يدركون أن مآلها الغرق إن لم يسارعوا إلى شاطئ النجاة .
إن الحوار الفلسطيني _الفلسطيني أصبح مهزلة سياسية وأضحوكة البلهاء وصدمة للشرفاء في هذه الأمة التي دفعت الكثير من مالها ودمها وجهودها من أجل الحفاظ قضية وهوية تلك الأرض الطيبة والشعب الجبار الذي لم ولن يلين أمام غطرسة عدو متوحش وغبي ومجرم حرب لا يعرف للأنسانية مطرحا وللعدالة عنوانا همه القضاء على شعب أعزل من أرضه وسلب عرضه دعمه في ذلك الإنقسام الداخلي الذي تغذيه بعض الأطراف الخارجية التي لا تؤمن بالمقاومة ولا بالشرف العربي ولا بالمقدجسات الدينية....

2009/06/07

أوباما بين الانتصار والانكسار....

جاء خطاب أوباما في ظروف بالغة الأهمية ،والحساسية ،نتيجة ووجود حكومة إسرائيلية متشددة غير قابلة للأطروحات الأمريكية الجديدة ،وترفض الخضوع لللإستحقاقات التي ظلت محور الأهداف والاختلاف طوال فترة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مثل موضوع الاستيطان ،وعودة اللاجئين ....كما لا تزال الخلافات الفلسطينية –الفلسطينية على حالها بل تتطور حينا تجاه الأسوأ، ويحكمها السلاح من حين لآخر .إضافة إلى الانقسام العربي – العربي الذي لا يزال العنوان الأبرز في المشهد العربي حيث الإصطفافات هي ذاتها وشروط الحلول ترتفع وتنخفض حسب الأهواء السياسية والمطامح ،والمصالح من هذا الطرف أوذاك .
فخطاب أوباما أنتظر منه البعض الكثير ،وبالغوا في التفاؤل إلى حد كبير مما جعلهم يصابون بنوع من الخيبة لأنه لم يحمل مقترحات عملية أو مواقف قوية ضد من يقفون حجر العثرة أمام الحلول والتسويات العادلة .أما البعض الآخر الذي يدرك جيدا التوجهات الأمريكية كسياسة عامة لا يمكن أن ينتظر منها أكثر مما جاء في خطاب أوباما الذي يتسم بنوع من التغيير الإيجابي ،وفيه رغبة صادقة ،ونوايا حسنة من أجل إيقاف النار المشتعلة في المنطقة ،والحد من إنتشار لهيبها الذي يهدد المصالح الأمريكية بدرجة أولى ولا يمكن التنازل أو الصمت من قادتها إذا أصبح الوضع يهدد هذه المصالح التي تبق دوما على رأس سلم الأولويات في السياسة الخارجية الأمريكية .
إن خطاب أوباما حافظ على نفس المسافة بين كل المتصارعين ،والمختلفين في المنطقة من أجل التدرج في البحث عن الحلول بدون أن يخلق معرقلين جدد للحلول وعدم دفعهم لمزيد من التشدد ،كما أخذ في الاعتبار قدرة وتأثير عديد اللاعبين الأساسيين ،والمؤثرين على مسرح الأحداث والذين بإمكانهم وضع العصي في الدواليب "الأوبامية "التي يعمل اليمين المتطرف ،والمتصهينين في أمريكا سحب الهواء من عجلات السير إلى الأمام وتعطيل المحرك الدافع لتقدمها نحو وضع جديد يراه هؤلاء الشرذمة ليس في صالح أمريكا وحلفائها .
صحيح أن الخطاب يحمل في طياته ،وثناياه عديد الرسائل المهمة أولها المصالحة بين الشعوب العربية التي توجه إليها الخطاب وأمريكا التي فقدت الكثير من الصدقية والاحترام بل كسبت كثيرا من الكره والانتقاد الذي بلغ أقصاه نتيجة الحقبة "البوشية" الماضية التي لم تترك نقطة بيضاء في العالم العربي إلا وسودتها بسياسة الانحياز الأعمى لإسرائيل التي شجعها ،ودعمها الصقور في حروب وحشية ،ومجازر جماعية لم ولن تفارق الذاكرة العربية الحبلى بالمآسي والأحزان التي كانت السياسة الأمريكية الخارجية سببا في ترسيخها .
جاء أوباما العاطفي بخطابه الذي إنتقده صقور الأمس وصناع الحروب والأزمات في واشنطن ،وكله حزم وثبات من أجل تغيير تلك الصورة القاتمة التي تكونت في أذهان الشعوب الإسلامية تجاه السياسة الأمريكية التي وزعت الأسى والألم على الشعوب الإسلامية أكثر بكثير من حفنة مساعداتها التي اشترت بها ذمم عديد القادة العرب وجعلت منهم أداة لقمع شعوبهم الثائرة ضد هيمنتها ودعمها لعدو الأمة الرئيسي ،والقاتل للأطفال والنساء ... –إسرائيل - بوحشية ،ليس لها مثيل سوى ما فعلته أمريكا في العراق وأفغانستان ،وفرضت عليهم التمشي في مسارها ،وخططها من أجل تغيير وجه المنطقة ،وخطابه يصب بدرجة أولى في هذا المنحى خاصة وهو الذي تزامن مع كلمة أسامة بن لادن الذي أعتبره المحارب الجديد للإسلام ،والمكمل للمهمة التي بدأها سلفه بوش . والسيد أوباما يعلم علم اليقين أن معظم الشعوب الإسلامية تؤيد وجهة نظر القاعدة في حربها على أمريكا وإسرائيل وهذه حقيقة لا يجب حجبها أو إنكارها وهذا الشعور ليس بالصدفة أو لمجرد الكره بل نتيجة ظلمهما المطلق للعرب والمسلمين وما فعلوه بهذه الشعوب المنكوبة بغطرستهما المستديمة وما لحقها من أذى في العراق ،وفلسطين ولبنان وأفغانستان ....وبعض الدول الأخرى الممانعة التي نالها نصيب مهم من العقوبات المختلفة والضغوطات المقرفة من أجل من أجل أن تنصاع لتمرير مشاريعهم التي أسقطتها المقاومة في مزبلة غوانتنامو وأبو غريب ،وغيرت مجرى الأحداث ضد المسار الذي رسموه في واشنطن وتل أبيب مما دفع بأوباما تغيير لغة الخطاب تجاه هذه المقاومة التي أصبحت رقما صعبا في معادلة الحلول ،وفهم أوباما هذه الحقيقة التي أبعدته عن استعمال المصطلحات القديمة التي تصف المقاومة بالإرهاب .إنه خطاب مصالحة ،وتلميع صورة الولايات المتحدة الملوثة ،وإعادة المصالح الأمريكية إلى مكانها الطبيعي القديم من أجل قطع الطريق عن الذين يبحثون عن تغيير موقعها وحجمها...كما يجب أن نوفى الرجل حقه فهو قريب من الصدق أكثر منه لتمويه والمراوغة... لذا لا يجب تحميله أكثر مما يحتمل ،أولا لأنه غير مسئول عن أحداث الحقبة البوشية التي مرت وتركت له أرثا ثقيلا ومعقدا في كل المجالات ،كما أنه ليس وصيا ووليا على إسرائيل التي خرجت من عباءة الأم الحنونة،والمربية الفاضلة أمريكا في ظل ضعف الدور العربي الذي يمثل بدوره نقطة مهمة في التفكك والعجز أكثر منه مساندا لرجل أسمه أوباما الذي يتحرك بين خطي الانتصار والانكسار...هذا الواقع المفخخ ،والمعقد ألقى بظلاله على خطاب أوباما الذي توخى الحذر ،وعدم الإندفاع والدخول في جوهر الصراع ومتطلبات الحلول الجذرية والعادلة التي ليس من السهل عليه فك رموز ،وطلاسم من أحكموا نسج خيوطها من أجل إستحالة فرض حلول على واقع ملغم بألغام متعددة لن يزيلها أوباما إلا إذا كان خبيرا بالألغام ويساعده أخصائيين في ذلك فهو إلى الآن مازال لم يعرف بعد من أين الدخول والخروج حتى يضمن سلامة خياراته.وسلامته أيضا.