سياسة مجتمع اقتصاد

2009/05/29

2009 سنة الفصل بين مشروعين

رحلت سنة 2009 مخلفة ورائها أرثا ثقيلا ،غرقت في مستنقعه الأسرة الدولية ،أولها المنطقة العربية التي أنهت السنة الماضية واستقبلت العام الحالي بأكوام من الركام ،وبرك من دماء القتلى والجرحى في قطاع غزة التي شن عليها وقتها العدو الرئيسي ،والمحور الأساسي في الصراع الدائر منذ عقود في الشرق الأوسط الكيان الصهيوني الذي مازال يمثل العقدة ،والمصيبة التي ابتليت بها المجموعة العربية والإسلامية ،كما بقية المجتمع الدولي الذي لا يريد أن يعترف بذلك .

لكن السنة المنقضية الحبلى بالمآسي ،حملت في طياتها عند رحيلها زمرة قيادة الحروب والأزمات لفترة دامت 8 سنوات ،كانت الحقبة السوداء الأولى خلال العقود الماضية التي غرق كذلك في أوحالها ومخلفاتها الرئيس الأمريكي الجديد أوباما الذي مرت على خلافته لسلف السوء جورج بوش قرابة الأربع أشهر لم تتضح بعد نتائج تحركاته السياسية في الداخل الأمريكي وخارجه نتيجة صعوبة ،وتعقيد الوضعيات الاقتصادية من جهة وتشابك المواقف والمخططات وعمق الصراعات السياسية والعسكرية إقليميا ودوليا من جهة أخرى.

مر إلى الآن نصف العام الحالي ،ولا تزال الحلول التي طرحت لمجابهة الأزمة المالية تراوح مكانها ،ولم تعطي مؤشرات أمل وتفاؤل للخروج من نفقها المظلم. كما على المستوى السياسي لم تتقدم عجلة التسويات في المنطقة قيد أنملة ، فالخلافات العربية -العربية القديمة مازالت قائمة وموجودة كالصور التذكارية التي التقطتها عدسات المصورين خلال أكثر من قمة ولقاء،وتجمع للزعماء العرب كما بقي التصادم الفلسطيني – الفلسطيني مستمر رغم مرور عدة أشهر على الحرب الإجرامية التي شنتها إسرائيل على شعب أعزل في غزة ،ومباشرة الفرقاء للحوار الذي لازال قائما مثل ركام وجراح الحرب التي شنت عليهم من أجل إنهائهم جميعا ،وتصفية قضيتهم التي يتنازعون من أجل تنفيذ مشاريع على حسابها....

كما حملت السنة الماضية في ثنايا رحيلها صناع الحروب وفيروسات أنفلونزا الصقور والخنازير ،جلبت السنة الحالية عصابة جديدة –قديمة على رأس حكومة إسرائيل لتواصل مهمة دحرجة كرة النار التي أشعلتها الحكومة السابقة بالتعاون مع من سودوا البيت الأبيض ولوثوا سمعة أمريكا في التراب ،كذلك وللأسف بتواطىء وخيانة بعض المستعربين لتستقر هذه الكرة في الملعب العربي الذي أصبح يفتقد لنصاب اللاعبين مما سيجعل المباراة محسومة سلفا ،اللهم إذا أحسن الحاضرون إدارة المباراة التي يتوقف الوجود العربي ومستقبله الفاعل على كسبها .

لقد بدأت تتغير ملامح الأدوار ،والمواقف وكذلك بعض التحالفات منذ قدوم أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية التي تمثل رأس الدبلوماسية الدولية والمحرك السياسي للإمام كما للخلف رغم بداية تراجع نفوذها نظرا لفقدانها للمصداقية والعدالة في دورها الذي كان منحازا دوما لمن هو سبب البلية في هذا العالم –إسرائيل – مما فتح الباب لأقطاب أخرى للمشاركة الفعلية في القضايا والمصيرية وتقاسم ثروات المنطقة كذلك، وافتتاح القاعدة العسكرية في الإمارات خير دليل على هذا القول.

لكن التقدم الإيجابي نحو الحلول العادلة التي توافق عليها كل الأطراف الفاعلة في عملية التسوية على أساس الحقوق والثوابت لازالت تتلمس خطواتها الأولى لتي من المرجح إن لم نقل من المستحيل مواصلة السير إلى الأمام في ظل غياب أطراف عربية خيرت المضي في الاتجاه المعاكس للقاطرة العربية ،وحقل الألغام الذي ينسجه صقور الأمس في واشنطن ومن يواليهم من بعض أبناء جلدتنا وطبعا قادة الكيان الصهيوني الذين دعموهم إلى ما لا نهاية من ألقى بهم التاريخ في مزبلة غوانتنامو وأبو غريب وغيرهما من مخلفاتهم التي لن تمحى من ذاكرة الأجيال للرئيس أوباما الذي يحاول تغيير ملامح الماضي الأسود ،وإخفاء معالم الجريمة التي ارتكبت في حق شعوب إسلامية كانت في الماضي القريب على علاقة جيدة مع أمريكا رغم المشاكل الداخلية التي ورثها كذلك عن سلفه بوش وأهمها الأزمة الاقتصادية التي ستأخذ نصيبا هاما من إهتمامات الرئيس أوباما وما ستخلفه من أثر سيء على الوضع الإجتماعي للشعب الأمريكي الذي تعود على الإنفاق والرخاء فأصبح هاجس البطالة والفقر يلاحقانه وعلى قائدهم مسؤولية إيجاد الحلول الكفيلة والبديلة لهذه الأزمة .

إن أوباما أمام خياران لا ثالث لهما :

إما الضغط على قادة إسرائيل من أجل تنفيذ استحقاقات السلام العادل والشامل مع المجموعة العربية وعلى رأسها حل الدولتين على أساس توافق عليه كل الأطراف العربية والإسلامية وفي مقدمتهم حركات المقاومة التي أصبحت تمسك بزمام التفاوض واشتراط الحلول كما سلفنا الذكر ،وهذا الأمر يبدو من شبه المستحيل في ظل كما قلنا كذلك ضعف عربي وتفكك وانقسام غير مسبوق ،لأن أوباما لن يكون ملكا أكثر من الملك نفسه ،ولن يقدر على دفع عجلات بمحرك يفتقد للوقود العربي حتى قطار التسوية العادلة رغم معارضة إسرائيل لمثل هذا القطار وستعجز عن منعه من الوصول لمحطة السلام الذي يحقق الأمن لمنطقة تتأهب للانفجار بطلقة بارود واحدة .

أما خيار أوباما الثاني في صورة عدم دعمه من طرف كل المجموعة الدولية وفي مقدمتهم القوة العربية التي مازلت مصرا على أنها بين أيديها كل مفاتيح الحلول لو اجتمعوا على استغلالها واستعمالها ،هو مواصلة المطالبة فقط ،واستعمال أساليب المناورة القديمة من أجل عدم الدخول في صدام مع إسرائيل يؤخر ولن يقدم بسبب انقطاع الوقود عن المحرك الذي بدأت تنهكه الأطراف التي لا ترى في عملية السلام في المنطقة مصلحة ومنفعة خاصة ،لأن البعض تعود على المتاجرة السياسية والاقتصادية على حساب القضية الفلسطينية بصفة مباشرة.

وفي النصف الثاني من السنة الحالية ستتضح كل الرؤى ،والمواقف والمشاريع كما ستتبين النتائج سلبا وهو الأرجح أم إيجابا ،وإذا لم تأتي النتائج كما تريدها شعوبنا العربية التي قهرها الذل والهوان من الداخل والخارج ،ستأتي أحداثا مأسوية يكون المتسبب فيها حكومة الميز العنصري في إسرائيل التي تعد العدة لحرب اضطهاد أو تهجير جديد لعرب 48 نتيجة قرارات اللقيط المهاجر الروسي ليبرمان زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"ستغير ملامح الخريطة العربية ،والعلاقات الدولية وتتعمق الأزمات الاقتصادية والسياسية اللتان باتتا في وضع مزري نتيجة تفاقم البطالة والفقر ،وانتشار الجريمة باختلاف أنواعها في عالمنا العربي المرشح لمزيد من الانحطاط إذا لم تتقدم عجلة الفكر العربي نحو المصالح القومية والإقليمية ،وتنفيذ المشاريع التنموية والثقافية وترسيخ معالم الديمقراطية وحقوق الإنسان التي لم يتعلم البعض مبادئها بعد ،التي أوكلت مهمتها للجامعة العربية التي وضعت هذه البرامج في أدراج محكمة الإقفال ورمت بمفاتيحها في عمق البحر الميت ،وبذلك سيندم من قرر التخلي عن دوره وأمتطى ظهر الحصان الخاطئ فيلقي به وسط الأشواك التي زرعها للشعب وللأمة...

2009/05/26

العنصرية المقننة في أبشع صورها....

بعد القتل والتهجير الذي مارسنهما حكومات الميز العنصري في إسرائيل ، ،وقطعت أوصال الأراضي الفلسطينية بالبؤر الإستيطانية والحواجز والجدار العازل،جاء مشروع عنصري جديد باقتراح من المتطرف ،والمهاجر الروسي ليبرمان زعيم حزب " إسرائيل بيتنا " المؤثر بقوة في حكومة ناتنياهو الذي يشاركه توجهاته في الخفى والعلن ويساند مقترحاته الخبيثة والعنصرية لأنه لا يختلف عنه كثيرا في عداوته للعرب والمسلمين .
يتمثل مشروع هذا القانون في قسم الولاء والطاعة المطلقة لإسرائيل ،والدفاع عنها ،والقيام بالواجب العسكري ،والحفاظ على مقوماتها ،والحرص على مكتسباتها وتوجهاتها، الذي سيفرض على العرب الذين يرغبون في الجنسية الإسرائيلية من داخل الخط الأخضر....
ومن المفارقات العجيبة في هذا الزمن الرديء الذي تعيشه الأمة الإسلامية والمجموعة الدولية التي فقدت المصداقية والعدالة الإنسانية في تعاملها مع الشعوب المضطهدة ،والمحتلة أرضها مثل الشعب الفلسطيني الذي يقهر يوميا بالسلوكيات والسياسات البشعة، والعنصرية الصهيونية التي فقدت القيم والأخلاق وكل مقومات الإنسانية عندما يظهر من بين قادتها الجدد مهاجر لقيط يأتي من وراء البحار ليفرض على أبناء الأرض الأصليين مفاهيم الصهيونية ،ويجبرهم على الالتزام بمبادئها الخارجة عن كل القوانين والشرائع الدولية والسماوية .....
هذا القانون العنصري يوضح بشكل لا لبس فيه حجم وكراهية المخططات العنصرية التي يمارسها هذا المعتوه المختل عقليا "ليبرمان" على العرب ،و خاصة سكان 48 ،والضفة الغربية التي تعاني من ويلات الانتهاكات الإسرائيلية بصفة مستمرة ويوميا بالاعتقال وعن طريق اعتداءات المستوطنين الفاسدين على سكانها العزل أمام أنظار جيشهم المحتل .
فالنوايا المبيتة من وراء طرح هذه القوانين هي تذويب هوية عرب إسرائيل أو إجبارهم على التهجير ألقصري أو تحويلهم إلى هنود حمر في فلسطين المنكوبة بعد أن رفض ليبرمان الأسبوع الفارط العودة إلى حدود 1967 عند التفكير في حل الدولتين وأعتبر الأمر خطرا على إسرائيل ومستقبلها ،كما رفض قادة العدو الإسرائيلي من قبل، عودة اللاجئين الفلسطينيين المهجرين في الشتات إلى وطنهم المغتصب .
ورغم رفض بعض الأحزاب الإسرائيلية مثل هذه القوانين إلا أن القرار المقترح ستناقشه حكومة تل أبيب خلال جلسة الأسبوع المقبل فهذا القانون رغم أنه لا يحظى بالأغلبية إلا أنه مرشح للتطبيق نتيجة ضعف حكومة ناتنياهو أمام عملية السلام التي تتهرب من استحقاقاتها من جهة، وكذلك ضعف أحزاب المعارضة للحكومة من جهة ثانية وعدم قدرتها على سحب هذا القرار .
ومن المضحك المبكي في هذا الزمن القحط ، مشروع القانون العنصري الثاني المطروح للنقاش الذي سيمنع ،ويحظر كل التظاهرات والتجمعات العربية داخل الخط الأخضر المنددة بالاحتلال خلال ذكرى النكبة التي اعتبرتها دولة الاحتلال ،والميز العنصري تشويشا على احتفالاتها بذكرى تأسيسها على أرض فلسطين المحتلة ،أو ما تسميه هذه الحكومة "الليبرمانية" استقلال ،وهي دولة الاحتلال التي زرعها وعد بلفورهم في المنطقة لتعيث فيها قتلا وفسادا من طرف مهاجرين جاؤا بالأمس القريب من كل أصقاع العالم إلى فلسطين المحتلة ليفرضوا على شعبها الذل والقهر والحرمان من أبسط الحقوق على أرضهم كما ،على أكثر من مليون ونصف المليون عربيا داخل أراضي 48 كيف يعيشون ...وما يزيد الطين بلة هو أن هناك داخل حكومة بني صهيون من يرى أن الوقت قد حان لتنفيذ مثل هذه المشاريع العنصرية المقيتة.
فأين هي الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة التي يميز بها بعض المستعربين ،والامبرياليون إسرائيل ،ويعتبرونها واحة العيش المشترك ،ودولة سلام كما سما بوش الراحل شارون المقبور حيا "برجل السلام" فاللعنة على مثل هذا السلام ،وهذه الديمقراطية العنصرية

2009/05/16

حوار الأخوة من نار...والقضية بالدم والدمار

أستأنف المتحاورون أو"المتنازعون" من حركتي فتح وحماس الجولة الخامسة من حور "طرشان" دون التوصل إلى بصيص من النور في النفق المظلم، وكلاهما ينتظر من الطرف الثاني رفع الراية البيضاء معلنا الاستسلام والقبول بالشروط المطروحة على طاولة المفاوضات التي سئمت من نقاشهم "البزنطي" والمتشدد على قاعدة "لي الذراع وكسر العظم " ،وكأن إسرائيل تركت من عظامهم من لم يهشم بالسلاح والاستيطان ومزيد من الضغوطات والتهجير السكاني الممنهج
إنهم يتناحرون من أجل تنفيذ البرامج الخارجية التي تبحث عن أمن إسرائيل ومصالحها على حساب شعب منكوب بنكبة الاحتلال والحصار ،وبنكبة بعض قادته الذين لا يقلون بسياستهم الخاطئة خطرا على ووجوده عن خطر إسرائيل التي تعمل على إدخال الجميع في صراع داخلي يلهيهم عن محاربتها بكل وسائل المقاومة السياسية والقتالية .
فغزة التي أصيب سكانها بنكبة جديدة لا تقل ألما وبؤسا عن نكبة 48 التي قتل وشرد خلالها الشعب الفلسطيني الذي أبتلي بمثل هؤلاء القادة كما أبتلي بجيران عرب خيروا الركوب في قاطرة الكيان الصهيوني الذي لم يحدد نهاية رحلتها حتى يركع الجميع ويقبلوا بما يفرضه عبر قوة النار والأساليب الخبيثة التي أسسها منذ أن زرعه وعد بلفور هناك في تلك الأرض الطيبة .
فالسؤال المحير ،والمطروح حول هذا الحوار .هل هو خلاف حقيقي بين الفرقاء الفلسطينيون ،أم خلاف مشروعين أجنبين كلاهما لا يقبل إلا بالانتصار ولا غير الانتصار !!؟
الشعب الفلسطيني يرزخ يوميا تحت الإحتلال العنصري الذي يمارس كل أنواع الظلم والقهر والإهانة والتجويع عبر الحصار الإجرامي الذي يطبقه على سكان غزة بعد أن قتل،و شرد الآلاف في حربه الأخيرة على قطاع غزة.
لو كان مكان المتحاورون من الحركتين –فتح وحماس- على طاولة التحاور من المطالبين بتنفيذ مشاريعهم الخارجية لتوصلوا إلى حلول وتوافق لكن يبدو أن المكلفون بتحقيق ما هو مطلوب منهم من الخارج أكثر تشددا وإصرارا على تنفيذ ما هو مطلوب منهم وإذا كان غير ذلك ،فلماذا كل هذه الجولات والخلافات في حوارهم ،والشعب الفلسطيني يتجرع مرارة مخلفات الحرب والاحتلال ،ومهدد جزء كبير من سكان القدس بالتشريد والبعض الآخر يعاني يوميا من اعتداءات المستوطنون الصهاينة !!؟