سياسة مجتمع اقتصاد

2009/11/23

إذا كان رب العائلة للطبل ضاربا .....

كنا نظن أن الفضيحة التي تسببت فيها الكرة ستتوقف تداعياتها بعد انتهاء مقابلة "العار" التي دارت في الخرطوم بين الفريقين المصري والجزائري لكرة القدم ،وستتوقف الجهتين عن الثرثرة والهذيان ،والتكشير عن أنيابهما التي لم تظهر من قبل في أمهات القضايا الجوهرية سوى على صعيدهما الداخلي أو فيما يخص الاستحقاقات القومية .... لكن يبدو أن الأمور آخذة في التصاعد ،ومتجهة نحوى مزيد من التصادم بين الطرفين دون أن يأخذا في الاعتبار النتائج الوخيمة التي ستعصف بما تبقى من الصف العربي المتهرئ.....

ففي هذه الأيام المباركة عند عامة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وتهافت المسلمين من كل حدب وصوب باختلاف أعراقهم وألوانهم ،ولغاتهم وأوطانهم من أجل هدف واحد هو أداء فريضة الحج وعبادة الرحمان من أجل تصفية القلوب والجوارح من الأدران والأوساخ التي لحقت بهم في أوطانهم نتيجة السياسة الرثة التي أفسدت الحرث والنسل ...وزرعت الأوهام وقضت على الأحلام ،ومزقت الأخلاق ،والقيم والفضيلة،وعممت في وطننا العربي الفوضى والفواحش والرذيلة....

في ظل جراح الأمة التي تنزف دما وجوعا وفقرا وجهلا وتخلف وفسادا في كل المجالات ،وتقيحت هذه الجروح ولم تندمل ،والمصائب التي تنزل على أوطاننا وشعوبنا من حين لآخر ،والسيل الجارف الذي يدحرج وضع الأمتين العربية والإسلامية نحو الدرك الأسفل من التفكك والضياع ،تصبح رياضتنا وخاصة كرة القدم المطية السياسية ... بعدما كانت أخلاقا أو لا تكون ،ومقربة بين الأوطان والشعوب ،والسفير الذي يجمع ولا يفرق لكنها أصبحت في ظل أنظمة هشة وفاشلة وسياسات جوفاء وخالية من الشفافية والمشاريع والبرامج والبدائل ،فرقة وتباعد ومعاول للهدم والفساد في الأرض ....

ما حصل في العلاقات الرسمية بين مصر والجزائر نتيجة المقابلة الكروية التي مثلت السيف الذي قطع الماضي عن الحاضر بين البلدين ودنس دماء الشعبين الزكية التي اختلطت وسقت أرض الكنانة مصر "العروبة" أقولها دون خجل رغم الذي حدث يدفعنا في لحظة اليأس أن نسب مثل هذه "العروبة والعربان"لأن السيل بلغ الزبى وليس من حق أي واحد من هذه الأمة أن يفرق شملها ويقضي على حلم شعوبنا بالفرقة والتعصب من أجل غاياته ،وتمرير مخططاته الهدامة التي بعثرت جميع أوراقنا وحطمت أمالنا وقضت على حقوقنا وطموحنا .....

جاءت هذه الأحداث والمواقف وردود الأفعال التي إفتقدت للحلم والصبر ،والشجاعة التي لم نتعود عليها منهما من قبل في المحن الحقيقية التي تعرضت لها الأمة وشعوبهما بالذات من الجانبين وكلاهما عمل جاهدا على قطع شعرة معاوية مع الآخر وفي النهاية ستدفع كل المنطقة العربية ثمن "تسييس القضية" وتخدير الشعبين من هنا حتى نهاية تصفيات كأس العالم وجعل الشارع الجزائري والمصري لا حديث له ولا هم عنده ولا بؤس لديه ، سوى ردة الفعل والفعل المضاد...

ليس ما قامت به الجماهير "المغلوبة على أمرها" هو الكارثة بل الكارثة العظمى ما أقدم على فعله من على عاتقهم إطفاء الحرائق الملتهبة ،والحد من خطورة الشرارات المتطايرة التي ستحرق بؤر أخرى في الوطن العربي وتجعل منه تكتلات تساند كل منها القريب في الجغرافيا والمصالح وبذلك تتدحرج كرة النار وتحرق ما تبقى من هذه الشعوب وحكامها وتدخل الجميع في مستقبل غير معلوم النتائج والخواتم....ومن يتجاهل ذلك ويلعب بالنار سيكون أول من يحترق بلهيبها...

لقد وجدنا أعذارا لردود فعل السياسيين ....رغم أن بعض الأعذار أقبح من الذنوب ..لكن أن تتحول نتيجة المقابلة وما حصل من أحداث بسيطة في أم درمان بالخرطوم بين المناصرين إلى مقاطعة شاملة ومن يدعم ويذكي نار الفتنة داخل الوسط الجزائري وخاصة المصري وعلى رأسهم الفنانين الذين على ما يبدو نسوا أن الفن رسالة نبيلة والفنان ملك لجميع مستمعيه ومشاهديه في كل مكان ...والفن كالرياضة أخلاق وقيم ومبادئ وتقارب ،وتوحيد للشعوب وليس تفرقة ومواقف متعصبة تبلغ درجة المقاطعة....

كلمة واحدة أريد أن أقولها بكل لطف ومحبة لفناني مصر أولا على الموقف الذي أعلنوه بمقاطعة الجزائر فنيا حقيقة لا يخدم القطاع الفني في بلداننا العربية كما سينعكس سلبا على قيمة الفن والفنانين وستخسرون جمهورا عريضا كان بالأمس القريب الداعم والمساند والمحب لكم ولأعمالكم....كما كان هو من صنع نجوميتكم لأنه لا فن بلا جمهور ....فكان من الأجدر والأصوب أن تكونوا جسرا للتآخي والتصالح ونشر المحبة بين الشارعين في البلدين الشقيقين ....عوضا عن التخندق في حفر لن تجنوا من ورائها إلا خيبة الأمل والشقاق والفراق....خاصة وأننا لم نشاهد أو نسمع عن وقفتكم لحمة واحدة والإعلان عن مقاطعة شاملة لدول ارتكبت مجازر وحشية بحق أخوة لكم في الأرض والهوية والتاريخ والمصير....

كما أن معظم الشارع العربي المحايد الذي تهمه مصالح الأمة ووحدتها وتماسكها ولا يرضى عن تآلفها ووحدتها بديلا... أصيب بالصدمة والذهول مما حصل بين البلدين كما أصيب بخيبة أمل أكبر عندما يستمع إلى شخصيات قومية عربية يعتبرها رمز النضال من أجل مصالح شعوبنا المشتركة ،ويمثلون رأس الحربة في الدفاع عن الوحدة العربية "البالية" وعن شعوبنا المضطهدة والمحتلة أرضهم والمنتهكة أعراضهم....يصرحون بتصريحات ليس لها مكانا في قاموس القومية والوحدة العربية وكأنهم أشخاصا آخرين ليس هم الذين أحببناهم واحترمنا مواقفهم وجهودهم البناءة ...لكن مع الأسف بعد الذي صدر منهم يغادرون المقاعد الأولى على مدرج الشرفاء الأحرار...وإن لم يعودوا إلى رشدهم سريعا ويحاولوا إصلاح ما أفسده الفاسدون الذين ركبوا على الجلد المدور ،ويلملموا الجراح العميقة التي خلفتها تلك الكرة "اللعينة"ومن أستغل سذاجة وجهل بعض محدثي الشغب للركوب على الأحداث وتمرير طبخات سياسية أعدت تحت جنحة الظلام الدامس من اجل ضمان نتائج سياسية في المستقبل أثير حولها جدالا كبيرا خلال الأسابيع الماضية جعلها تفقد بريقها ومكانها وتضاءل أمل تحقيقها ... سيندمون عن اليوم الذي لن يسامحهم فيه التاريخ العربي على الشرخ الذي حصل في جسد الأمة المنهك والمثقل بالمتاعب والأحزان
...

رسالة إلى حضرة "النقيب"

بعد كل الذي قيل ،وكتب في وسائل الإعلام العربية وحتى الدولية حول مخلفات المقابلة "الفضيحة".... كرهت الرياضة والرياضيين كبقية المتحضرين ،والعقلاء في وطننا العربي البائس والتعيس كبؤس وتعاسة ما حصل بعد مقابلة "العار"وقررت أن لا أكتب مرة أخرى عن هذه الأزمة .لكن هناك تصريح حزين وكئيب وأعتبره شخصيا عنصري بامتياز،وليس له مبرر حول المهزلة التي لم يشهد التاريخ الرياضي العربي مثيلا لها من حيث العويل والصراخ والبكاء ،وبل التهديد والوعيد... ولم ينقص الطرفين سوى تحريك الجيوش الجرارة التي لا تتحرك إلا للقمع الداخلي أو لمحاربة الأخوة الأشقاء...لا غير ودخل على الخط كبار" الساسة" "والمثقفين"وأشباههما و سخروا أنفسهم لطرق طبول الحرب بدون توقف مفتتحين تصريحاتهم المسمومة بالتصعيد والقدح والذم إلى درجة التهور وعدم المسؤولية حتى بلغ الأمر حد اعتبار ما حصل اعتداء على "السيادة الوطنية"وأصبح كل من هب ودب في البلدين يطلق الشعارات المبتذلة والمواقف العدائية للوطن المقابل إلى حد السخرية والرثاء لهؤلاء الذين يدعون في القومية العربية معرفة وفلسفة وهم بعد الذي أتوه أبعد من ذلك بكثير ....

المهم ،يوم الاثنين الماضي ،ركبت سيارتي وتوجهت إلى مركز عملي وفتحت جهاز الراديو لعلي أظفر بخبر يفرحني ويدخل البهجة والسرور على قلوب الشعوب الحزينة....لكن هيهات لم يبق إلا ما يدمي القلوب ويجمد العقول، ويعمق الجراح والقنوط.... ويخفف عني عناء الاكتظاظ المروري ،أو تظفر أذني بأغنية ينشرح لها صدري ،وتزيل القطن عنهما نتيجة تلوث معظم الفن العربي "الهابط" والمبتذل الذي أصبح لا معنى له ولا قيمة فيه....لكن المذيع سامحه الله كان بانتظاري مع ضيف مقلق يحاوره... وكأنه يتربص بي ليزعجني ويزيد من توتر أعصابي كلما سمعت أو قرأت خبرا عن المهاترات والفضائح التي أنتجتها المقابلة الكروية التي جمعت الفريقين المصري والجزائري، البلدين الشقيقين "العدوين"...

المهم ،وجدت على موجات الأثير مباشرة على الإذاعة التونسية "موزاييك" حوارا مع نقيب الفنانين المصريين يتحدث عن مخلفات أطوار الأحداث التي جرت بالسودان الشقيق بعد المقابلة السياسية...عفوا "الرياضية التي حولها حضرة النقيب إلى "كارثة عظمى" وأسهب في السب والشتم للأخوة الجزائريين حكومة وشعبا ....فظننت أنه يتحدث عن تل أبيب وناتنياهو أو ليبرمان... أو ربما عن العلم الإسرائيلي الذي يرفرف عاليا في سماء عاصمة الفراعنة ،أو عن التجاوزات المفضوحة التي تقوم بها هذه الدولة "صديقتهم" بحق مدنيين وجنودا مصريين من حين إلى آخر بلغت في عدة مرات مرحلة القتل.....دون أن نسمع صوتا لهؤلاء...ولم يستحي حقيقة بل صدر عنه كلاما يثير الاشمئزاز والسخرية ...حين قال كنا قادرين أن نرسل لهم "شوية شباب فيفتكوا بهم..." فلم أصدق نفسي أن المتحدث هو نقيب الفنانين المصريين الذين أحببناهم واحترمنا أعمالهم وكانت الشعوب العربية سببا في نجاحهم وشهرتهم....بل ظننت أن حضرته ليس إلا زعيم عصابة...والحمد لله أنه لم يكن قائدا عسكريا وإلا لكانت الأسلحة التي أكلها الصدئ تفتك بالأخوة الجزائريين والعكس كذلك....وفي إجابته عن سؤال المذيع الذي حاول جاهدا أن يعيد له صوابه ويخفف من لهجة "الحقد الدفين" التي يتكلم عن ووجود السيدة وردة الجزائرية بمصر طلب حضرة "النقيب من الأخيرة الاعتذار وتوجيه اللوم للجزائريين....فبربكم ما دخلها السيدة وردة ،وعلى ماذا تعتذر؟...والله بعد الذي سمعته حسدت كل من لم يستمع إلى مثل هذه الثرثرة التي تقطع حبل الوصل بين الشعبين الشقيقين ، وربما أبعد من ذلك.....

عدة أسئلة أوجهها إلى حضرة "زعيم الفنانين"ما هي الرياضة ،وما هو الفن خاصة يا حضرة النقيب "المحترم" ؟
ألم تعلم وتتعلم أن الفن رسالة نبيلة ،وأخلاق عالية ووطنية قومية في أبهى صورها ...ألم تعرف أن الفن جسر للمحبة والتآخي ،والتواصل بين الشعوب والحضارات وهمزة الوصل بين الماضي والحاضر والمستقبل...ألم تعلم أن النشيد الوطني الجزائري كتبه شاعر جزائري ولحنه ملحن مصري.....ألم تعلم أن الدولة التي تتحدث عنها بهذا الكلام دولة شقيقة لمصر أمتزج دم أبنائها بدماء الشعب المصري البطل...كيف تكرر إعلان مقاطعة الفنانين المصريين للجزائر...؟ لتعلم يا حضرة "النقيب" أننا لا نجامل ولا نعادي ولا نخاف لومة لا ئم في الحق ولا ندعم الأخوة في الجزائر على حساب أشقائنا في مصر أو العكس ....بل لا نرغب إلا في الصلاح والفلاح لهذين الشعبين الشقيقين... ولا نرضى عن غير ذلك بديلا، ثم لماذا لا ينسج نقابة الفنانين على منوال الخطوة الصادقة التي قام بها إتحاد الكتاب المصريين ؟لكن ومن فرط حرصنا وحبنا لوطننا العربي والدفاع عن مصالحه التي نهشتها الكلاب السائبة من كل حدب وصوب وقضاياه العادلة التي ضاعت نتيجة هذه الثقافة العربية التي مازالت سمومها تنخر كيان هذه الأمة فأستغلها الأعداء لتعميق جراحنا التي فتحناها بأيدينا .... أقول لك أن شرفاء هذه الأمة لن يسمحوا لأحد مهما كان موقعه أن يشعل نار الفتنة والفرقة بين شعوبنا التي خرب مستقبلها وألقى به في المجهول بعض الساسة وأزلامهم.... كما يجب على أحرار ونخب هذه الأمة مواجهة العصبية والمغالاة من كلا الطرفين حتى يخمد البركان الثائر ويعود الوئام والوفاق بين البلدين، والشعبين الشقيقين...

2009/11/19

تسخير الرياضة للسياسة






قديما قال بعض الفلاسفة "الدين أفيون الشعوب..." فهل يجوز لنا اليوم أن نقول "الكرة تعصب، وفرقة بين الشعوب" ما حدث خلال الأسابيع الفارطة من أحداث مزرية ،ومخجلة بين شعوب عربية وصلت شرارة التعصب والغليان إلى عقول المسؤولين العرب وهذا طبيعي ومنطقي لأنه من المسلمات في وطننا العربي الكئيب والمفكك طالما يستخدمون الرياضة لخدمة السياسة ... ففي إطار تصفيات كأس أمم إفريقيا والعالم إشتغلت ماكينة معظم وسائل الإعلام العربية، وتحررت من القيود التي تكبلها خارج المجال الرياضي ...فالحديث عن الكرة ليس له حدود...فقامت الدنيا ولم تقعد...واشتعلت النيران من كل المشاركين في هذه التصفيات القارية الكل يبحث عن الفوز والترشح للنهائيات وكأنهم سيخرجون هذه الشعوب من جحيمها وفقرها وتخلفها...وستحل كل أزماتنا التي طال أمدها....
لقد تموضعت كلا الجهتين واحدة لإشعال الحريق ،والجهة المقابلة تصب الزيت....وكلاهما يريد أن يقوم بمهمته على الوجه الأكمل ، وبزيادة بلا نقصان....وانشغلت كل الجماهير ،العربية من المحيط إلى الخليج بمتابعة المقابلات الكروية ،وغابت في هذه الزحمة كل المشاكل التي نعاني منها الأمرين... فصارت هذه الشعوب لا حديث بينها إلا على الكرة...فهي تأكل كرة،وتتنفس كرة....وتنام وتستيقظ على وهم الجلد المدور لا غير ....ولا يعني الفقير منها إن بات أبناؤه يتضرعون جوعا ...فقد أشبعهم كرة إلى حد التخمة....أومات ألاف البشر من هذه الأمة ظلما وبهتانا...أو انتهكت أعراضنا ودنست مقدساتنا...لا يهم.

من المضحك المبكي،أن يصل الأمر بدولتين شقيقتين إلى حد استدعاء السفراء والاحتجاج على العنف المتبادل ....وكأنهما قبيلتان كالأوس والخزرج ....أو فريق الملائكة سيتقابل مع فريق الشياطين....ومصير هذه الأمة المسكينة معلقا بالترشح لنهائيات كأسي إفريقيا والعالم من خسروا دخلوا جهنم وبأس المصير ....ومن كسب فجنة الخلد تنتظرهم ، سيدخلونها بسلام آمنين.... حصل كل الذي حصل نتيجة عدة عوامل منها الجهل والسذاجة ،والتعصب وحب الانتماء الرياضي المفرط ،و الغير مبرر ... لكنه في حقيقة الأمر مقنن ،وبنوايا مبيتة سلفا من الذين تعودوا على استغلال مثل هذه الفرص لتغيير وجهة الشعوب المقهورة،والمكبوتة ... نحوى فضاء واسع إسمه "الكرة "وما أدراك من الكرة عند ساستنا ومهندسي شبكة التنويم المغناطيسي .... لتفريغ شحنة الصمت بالألم اللتين تعاني منهما الشعوب العربية إلى حد الرثاء....

ليس العيب في الجماهير الرياضية التي وجدت مجالا للصراخ...،وتعلن الرفض والقبول اللذان لا تعرفهما إلا في ملعب كرة القدم لا غير له ، ولا بديلا عنه... فخرجت عن صمتها الذي طال كثيرا وفقدت الأمل في كسر هذا الحاجز الحديدي الذي أقامه من تعلموا فنون تكميم الأفواه فأصبح الشعب أخرس وأصم....وهي تعلم علم اليقين أنها لن تحاسب على ما تفعله خيرا أو شرا ،ولن يزج بهم في السجون بعد أن ينالوا نصيبهم من عصا البوليس الغليظة التي تعودوا عليها كلما فكروا في الخروج عن هذا الصمت القاتل للاحتجاج على انعدام لقمة العيش المفقودة...أو للمطالبة بحقهم في حياة كريمة كبقية شعوب العالم الحر الذي لا تعرف شعوبه الصمت والقمع....أو حتى للتنديد على حرب أو مصيبة لحقت بجزء من هذه الأمة من أخوتنا في النسل والدين....بل العيب في هؤلاء الذين عن سوء نية حولوا "الكرة" إلى غاية وهدف سياسيين، وسخروا لها كل الإمكانيات المادية والإعلامية من أجل إدخال هذه الشعوب في نفق مظلم لا يبصرون فيه نور الساسة والسياسيين وما يفعلونه تحت جناح الظلمة الحالكة... ومشاكل بلداننا وأهم الاستحقاقات المصيرية التي لم ولن تحلها انتصارات الكرة ولو تعددت هذه الانتصارات الرياضية رغم أهميتها وضرورتها...
وللأسف الشديد سقطت في الفخ عديد وسائل الإعلام وأصبحت تخصص يوميا السعات الطوال في التحاليل للمقابلة ونتيجتها ، والنقاشات الساخنة والحوارات النارية بلا كلل أو ملل دون أن نسمع لها صوتا في أمهات القضايا الوطنية والقومية البالغة الأهمية ...هذا إذا كانوا يرغبون في أن تكون شعوبنا واعية بمشاكلنا وقضايانا المصيرية...
لقد وظف الساسة الرياضة ومن ورائها الإعلام الأصفر الذي لا لون له ، ولا طعم ولا حتى رائحة... للشحن "والتخدير الجماهيري "من أجل تغيير أبصارهم المحدقة بقوة نحوى الأوضاع الداخلية والخارجية المتردية التي تنتظر من أصحاب القرار مبادرات وحلول للهوان الذي تعيشه شعوب هذه الأمة وهم غير قادرين على أكثر من تغييب فكر الشعب والذهاب به نحوى "ماتش كرة " سيشغل هذه الجماهير في حالتي الربح والخسارة وستبقى نتيجته محور حديث الشارع عوضا عن مواضيع أخرى لا رغبة للسلطة في التفات إليها ولو بنصف عين... .فصارت معظم القنوات العربية مجندة بشكل يوحي وكأن بلداننا مقبلة على حرب أو كارثة "عفانا وعفاكم الله من الكوارث" لأن لهذه الأمة من المآسي ما يكفيها وزيادة...

لقد أصبحت الرياضة وخاصة "كرة القدم" في وطننا العربي جزء من سياسة التغييب الفكري وإستراتيجية ممنهجة من أجل تحويل اهتمامات الشعوب إلى موقع آخر لا يسمن ولا يغني من جوع... وأداة قمعية غير مباشرة تمارس على الشعب دون وعي أو إدراك منه بغاياتها وأهدافها المسمومة أما في المفاهيم الغربية ليس هناك استغلال سياسي للرياضة من أجل تمييع الشعب وترويض عقله كما لا يوجد تداخل بين الرياضة والاستحقاقات بل على العكس هي في خدمة توعية الشعب وتثقيفه رياضيا وأخلاقيا ومعرفيا لأنهم ليس لديهم ما يخفونه عن شعوبهم ،ولا يتآمرون عليها من أجل تمرير عمل ما لا تقبله ،ولا توافق عليه . فتجد في نفس اليوم جماهير تشاهد مباريات كروية ،وأخرى معتصمة في الشوارع والساحات تطالب بما تفتقده من ضروريات أو مطالب محقة... ولا هذه تفسد تلك...
وأحيانا أخرى يستغل الغرب التظاهرات الرياضية العالمية وانشغال شعوبنا بمتابعتها لتمرير اتفاقيات ،أو أملاءات أو حتى اعتداءات عسكرية مثل ما قامت به إسرائيل من اعتداء همجي وحشي على الفلسطينيين خلال تصفيات كأس العالم الماضية حتى تريح حكامنا من أعباء مطالبات شعوبنا بالتدخل لوقف العدوان...وكذلك ما حصل في العراق عندما توج الفريق العراقي لكرة القدم بلقب آسيوي منحوه إياه فتزامن ذلك التتويج الوهمي بتفجيرات دموية جابت بلاد الرافدين تحصد أرواح المئات من الأبرياء وقادة المنطقة الخضراء ومن ورائهم المحتل يشيدون بالفريق العراقي وبتتويجه من أجل التضليل بأن العراق على درب التتويجات والنجاحات ،واحتلاله نعمة وليس نقمة رغم الدماء الزكية التي سالت حينها ولازالت تسيل يوميا في كامل عاصمة العروبة بغداد
...

2009/11/07

قضايا مرة،ورأي

درس العجوز المقدسية وفشل إسرائيل..

صحيح ، إسرائيل فشلت سياسيا وعسكريا وهذا لم يعود إلى قوتنا وعملنا العربي المشترك ،ووحدة صف الأمة بل هي نتيجة حتمية لكل من يحارب الشرفاء وأصحاب الحقوق المغتصبة. ففشل إسرائيل يقابله كذلك فشلا عربيا مدويا وعجزا مذهلا عن أداء الواجب المنوط بعهدة أنظمتنا وحكامنا ،والحفاظ على الأمانة التي تعلقت برقابهم ورقاب شعوبنا كذلك، وهي الدفاع عن أوطاننا، وحقوقنا وخاصة مقدساتنا التي تنتهك وتهود يوميا ويشرد أهلها في العراء أمام أنظار ومسامع هذا العالم الذي يدعي الحضارة والإنسانية.مثل ما حدث في حي الشيخ جراح بالقدس التي انتهكت فيها الطفولة والشيخوخة وذبحت فيها الكرامة العربية من الوريد للوريد لكن شهامة اهل بيت المقدس رغم ما يتعرضون له من اعتداءات منظمة لأجلائهم من القدس من طرف الصهاينة عبرت عنها تلك العجوز الطيبة بقولها "أخرجونا من بيوتنا لكننا وراهم وراهم "إنه درس بالغ القسوة والسخرية تظمنته كلمات تلك المرأة المقدسية لكل الأنظمة والشعوب على حد السواد لصمتهم وتخاذلهم وعدم نصرتهم لأمثال تلك المرأة الشريفة... .
فصورة تلك المرأة بلغت الرسالة مفادها أن ضعف إسرائيل لم يحصل بالمرة نتيجة سياسة حكوماتنا التي تمتلك كل الصلاحيات والقرارات لكنها لم تفعل شيئا بل خيرت موقع المتفرج فظهرت من تحت الركام مجموعات صغيرة محدودة الإمكانيات أستطاعت أن تدخل إسرائيل في دائرة الفشل والتخبط السياسي والعسكري وليست الأنظمة العربية هي التي أفشلت كل مخططات إسرائيل التي ما زالت إلى حد الآن ماسكة على الأقل بخيوط اللعبة والحلول ،وتدير المعركة الباردة حاليا دون أن تلقي بسلاحها وتستسلم للاستحقاقات كما فعل العرب طوال فترة الصراع مع أعداء الأمة.....


لبنان دوما في قلب الشعوب العربية...*

لقد أخذا لبنان من قلوب وعقول، وكذلك أهتما م شعوبنا العربية الكثير شأنه شأن الشعب الفلسطيني وذلك لوجودهما في خندق المقاومة من جهة وللمكاسب التي تحققت للأمة نتيجة صمودهما الكبير والمذهل في وجه الغطرسة الصهيونية المتوحشة وإفشالهما –الشعب اللبناني والفلسطيني - لمشاريع أمريكا الهادفة إلى تفتيت المنطقة وتحويلها إلى دويلات لا حول لها ولا قوة حتى تضمن لمستقبلها سيطرة مطلقة على كل مقدرات شعوبنا التي أصبحت بفعل المقاومة في كل مكان عربي إسلامي ،و واعية بما يجري في الحاضر والأهداف الإمبريالية المرسومة سلفا للمستقبل المجهول بفعل تخاذلنا وبيع أهم قضايانا في أسواق النخاسة الأمريكية وفي أروقة أوكار الاتفاقيات والمعاهدات ، وأحيانا الطعنات في الظهر لهؤلاء الذين نذروا أنفسهم دفاعا عن مصالح الأمة فكل الشعوب العربية تتمنى توافق لبناني وحكومة قادرة على رفع التحديات وتتعظ بدروس الماضي الأسود في منطقة طغت عليها ضبابية المواقف والسياسات إلى درجة الضياع ، والإهمال الغير محدود...

غولستون...التقرير المفصلي .*
ما نتمناه هو عدم الالتفاف على تقرير القاضي غولدستون في مجلس الأمن بعد تبنيه من طرف الجمعية العامة وعلى الأمريكان إذا أرادوا مصالحة حقيقية مع الشعوب العربية والإسلامية كما أدعى اوباما في خطاب التمويه في القاهرة ،أن لا تعمل بالتعاون مع إسرائيل وحلفائهما إفشال الخطوة الوحيدة التي ستكون لها نتائج إيجابية على الجميع أولها لجم إسرائيل ومنعها من تكرار جرائمها في المستقبل بحق الأبرياء العزل ،وتتعامل مع مشاكل المنطقة بالحوار لا بالسلاح والغطرسة وفرض الشروط والحلول بالقوة التي أثبتت فشلها مع من آمنوا بربهم وبعدالة قضياهم في صراعهم مع الدولة التي قادت أطول صراع ،واحتلال لأراضي الغير بأبشع الاعتداءات ، والجرائم في حق الإنسانية في التاريخ المعاصر،وشنت حروبا مسعورة كان على المجتمع الدولي محاسبتها على الأقل منذ ارتكابها لمجزرة صبرا وشتيلا لكن صمت هذا العالم وتواطئه أوصل الجميع إلى هذا الحال البائس المتردي...فهذا التقرير سيكون مفصليا بالفعل سيحدد عدة خطوات قادمة من جانب كل الأطراف.


القهر يولد الإنتقام...*
...
هذا الذي صنعوه بأيديهم ،بعد الإذلال والقهر والمعاناة التي تحملها المسلمون في أرجاء المعمورة بأوامر أمريكية –صهيونية - وتشديد الخناق على كل من هب ودب إسمه عربي مسلم إلى جانب السياسات الأمريكية المتعاقبة المنحازة لإسرائيل بشكل مبالغ فيه ، ومقرف في أغلب الأحيان طبيعي أن تنتج عنه مثل هذه الردود الانتقامية التي بدورها هم السبب فيها والدافع الرئيسي لارتكابها نتيجة مضايقتهم لمثل نضال مالك حسن الذي يتلقى بصفة مستمرة مضايقات وأعتداءات من طرف الجنود العنصرين ،لأن ما
حدث لهذا الدكتور الفلسطيني الذي تعرض لأبشع أنواع الميز العنصري في القاعدة العسكرية بتكساس لو حدث لغيره سيقوم بنفس الفعلة كردة فعل عن القهر والظلم والعنصرية فهو لم يقدم على هذا الانتقام إلا بعد أن عجز عن صد العدوان الممنهج ، والإذلال المتعمد من الجنود المرتزقة اللقطاء وكذلك عدم السماح له بالخروج من العمل من سلك الجيش فما تعرض له نضال عملية موت قطرة،قطرة وصلت به إلى ما وصل إليه...

درس العجوز المقدسية...وفشل إسرائيل

صحيح ، إسرائيل فشلت سياسيا وعسكريا وهذا لم يعود إلى قوتنا وعملنا العربي المشترك ،ووحدة صف الأمة بل هي نتيجة حتمية لكل من يحارب الشرفاء وأصحاب الحقوق المغتصبة. ففشل إسرائيل يقابله كذلك فشلا عربيا مدويا وعجزا مذهلا عن أداء الواجب المنوط بعهدة أنظمتنا وحكامنا ،والحفاظ على الأمانة التي تعلقت برقابهم ورقاب شعوبنا كذلك، وهي الدفاع عن أوطاننا، وحقوقنا وخاصة مقدساتنا التي تنتهك وتهود يوميا ويشرد أهلها في العراء أمام أنظار ومسامع هذا العالم الذي يدعي الحضارة والإنسانية.مثل ما حدث في حي الشيخ جراح بالقدس التي انتهكت فيها الطفولة والشيخوخة وذبحت فيها الكرامة العربية من الوريد للوريد لكن شهامة اهل بيت المقدس رغم ما يتعرضون له من اعتداءات منظمة لأجلائهم من القدس من طرف الصهاينة عبرت عنها تلك العجوز الطيبة بقولها "أخرجونا من بيوتنا لكننا وراهم وراهم "إنه درس بالغ القسوة والسخرية تظمنته كلمات تلك المرأة المقدسية لكل الأنظمة والشعوب على حد السواد لصمتهم وتخاذلهم وعدم نصرتهم لأمثال تلك المرأة الشريفة... .
فصورة تلك المرأة بلغت الرسالة مفادها أن ضعف إسرائيل لم يحصل بالمرة نتيجة سياسة حكوماتنا التي تمتلك كل الصلاحيات والقرارات لكنها لم تفعل شيئا بل خيرت موقع المتفرج فظهرت من تحت الركام مجموعات صغيرة محدودة الإمكانيات أستطاعت أن تدخل إسرائيل في دائرة الفشل والتخبط السياسي والعسكري وليست الأنظمة العربية هي التي أفشلت كل مخططات إسرائيل التي ما زالت إلى حد الآن ماسكة على الأقل بخيوط اللعبة والحلول ،وتدير المعركة الباردة حاليا دون أن تلقي بسلاحها وتستسلم للاستحقاقات كما فعل العرب طوال فترة الصراع مع أعداء الأمة.....

2009/11/06

ضحايا الجيش الإرلندي على درب لوكربي...!!

خلال الأيام القليلة الماضية أعيد طرح موضوع لوكربي بوجه متجدد ، لكنه قبيح رغم عمليات التجميل التي تعودوا عليها من قديم الزمان في حيلهم ،وتحايلهم ...فما إن تم الإفراج عن المقرحي في ظروف لازالت غامضة لدى معظم شعوب العالم لا تزال علامات الاستفهام تطرح من كل أصقاع العالم عن سبب إطلاق سراحه بعد أن قضى سنوات في السجن دون إثبات التهمة عليه أو تبراءته حتى بدأت تطفو على سطح القضية بوادر تنبؤ بخطة جديدة للابتزاز الرخيص تحت عنوان أقبح مما فعلوه.... مدعين ظهور أدلة جديدة ،ومتورطين جدد لم تنتبه إليهم المحكمة الدولية ( الموقرة)طوال فترة التحقيق واعتقال المقرحي و الغاية من كل ذلك باختصار محاولة أخرى لسلب ونهب مال دولة عربية أو إسلامية طالها أو لم يطولها العقاب ،وإن لم تكن الكلفة مادية ستكون سياسية من أجل ترويض وتركيع الدول العصية على هيمنتهم والتي ترفض كيلهم بمكيالين إذا تعلق الأمر بمواضيع ذات صلة بالعرب الذين تعتبرهم أمريكا وبريطانيا ومن ورائهما أبنتهما المدللة إسرائيل خزانات نفط وثروات هائلة وليسوا أمة ذات حضارة مجيدة كانت سببا في بناء هياكلهم الكرتونية المزعومة ....
لم تنته القصة عند لوكربي التي أغدقت ليبيا على أهالي الضحايا من مال الشعب الكثير... ،وإنما هذه المرة ضحايا جدد وابتزاز متجدد، آتي من إيرلندا الشمالية بدأت تحبك سيناريوهات أخرى ضد الجماهيرية العربية الليبية التي على ما يبدوا أصبحت في نظر عدة أطراف دولية (كنز للتعويضات )حول مطالبة أهالي ضحايا الجيش الإرلندي بتعويضات من الجماهيرية خلال حقبة استعمار بريطانيا لأرلندا الشمالية التي دعمت ليبيا الجيش هناك من أجل استعادة حقه في أرضه وكرامته .....
تتابعت خطوات التمعش والابتزاز بوتيرة تجعلنا نبكي حتى حدود الضحك ....لكن يبدو حتى الضحك والبكاء في عالمنا العربي صارا يستحقان ترخيصا مسبقا من هؤلاء الذين بنو أمجادهم وكبرياءهم ،وتسلطهم وتجبرهم على الدماء والأشلاء التي وزعوها في مشارق الأرض ومغاربها. وكان لمنطقتنا العربية النصيب الأوفر منها ....وعندما كلوا وملوا من الاستعمار المباشر لأوطاننا التي تركوها تلملم مخلفات استعمارهم الهمجي بعد أن سلبوا ونهبوا كل خيراتها ووضعوا أيديهم القذرة على البقية بالاتفاقيات والمعاهدات المذلة...
الآن تغير الأسلوب إلى السيطرة المطلقة على ثروات شعوبنا بدبلوماسيتهم الناعمة حينا وبالتهديد والوعيد أحيانا أخرى والويل والثبولر وعاقبة الأمور لمن يشق عصا الطاعة هناك بدائل متعددة في جرابهم تجعله يثوب إلى رشده ويأتيهم صاغرا مطأطأ الرأس يطلب صك الغفران ،ويقدم لهم لقمة عيش الشعب على طبق من الذل والهوان والاستسلام تحت عناوين مختلفة....
يبدو أن الخطوات التي أتبعتها ليبيا في تعاملها مع أمريكا والغرب للخروج من حصار العار الذي فرضوه عليها بعد حادثة لوكربي التي دفعت مقابلها من مال الشعب الليبي ودمه ما لا يحتمل ...لم يكفيهم فاستغلت ماكينة المكر والمناورات الخسيسة التي أصبحت السمة البارزة في سياساتهم تجاهنا - العرب - من أجل البحث عن وسائل تركيع وترهيب أكثر جدوة وفاعلية الغاية منها البحث عن المزيد من النهب والاختلاس ،والسيطرة على ما تبقى من حقول نفط وثروات باطنية على الأراضي الليبية الشقيقة وإلا لماذا في هذا الظرف العصيب الذي يعيشه المحور العربي والإسلامي نتيجة الفرقة والخلاف المتصاعد بين الأخوة في الدين والتاريخ والمصير... الذي سببه ضعفنا ومكرهم تظهر من حين لآخر قضايا من تحت الرماد ! كلها تهم باطلة ومفبركةالهدف من ورائها مزيد من نهب ثروات المنطقة المتبقية عن طريق ما تسمى بالتعويضات آخرها وليس أخيرا عزم أهالي ضحايا الجيش الإرلندي طلب تعويضات من ليبيا لدعمها له أثناء الاحتلال البريطاني....
لقد تنازل العرب إلى حد لم يبقى لهم ما يتنازلون عنه ...تنازلوا عن السيادة وحرية القرار في الأوطان ...تنازلوا عن ثروات الشعوب وتركوها تعيش حالة فقر وأمية.... وتخلف في كل المجالات، تنازلوا حتى عن الثوابت القومية وصارت كل دولة تغني على ليلاها ...مما سهل على هؤلاء الطغاة الجدد المبتزين التفرد بدولنا ونهبها الواحدة تلوى الأخرى في صمت وسكينة....
أنظروا كيف لا تموت قضايا مواطنيهم بالتقادم ! ونحن تسفك دماؤنا كل يوم في حاضرنا البائس وتنتهك أعراضنا وتسلب أراضينا وتقتلع أشجار زيتوننا....كذلك في صمت وسكينة... ولم تتوفر للبعض منا حتى مجرد نية الدفاع عن حقوقنا المشروعة التي أقرتها شرائع السماء والأرض، فصمت الآذان ،وتكممت الأفواه وصراخ القتلى وأنات الجرحى تنطلق مدوية تهز صمت العالم بدءا من غزة والعراق وأفغانستان والصومال، ومن قبل لبنان صبرا وشتيلا ،وقانا، وقانا الثانية... وكذلك الاعتداءات الجانبية مثل ما قامت به دولة الميز العنصري في إسرائيل في هجومها العسكري الجبان على حمام الشط في تونس وقتلت العشرات من الأبرياء هناك وعادت طائراتهم بسلام وعافية... والحبل على الجرار هذا دون أن نطالب ولو مرة بالتعويض على الذي حصل لآلاف الضحايا في وطننا العربي المنكوب ،وما لحق المتضررين من اعتداءاتهم الوحشية ظلما وبهتانا... .
فلو كانت هناك عدالة دولية يفرضها العرب على "جلاديهم" وهم على ذلك قادرون ستصبح دولة إسرائيل المزعومة بكل ما تملك و( بطم طميمها )لا تعوض الجرائم التي ارتكبتها في منطقتنا ،وفي حق أهلنا في فلسطين ولبنان بصفة خاصة،و مثلها أمريكا وبريطانيا ... ثم لماذا لا نطالب نحن أيضا الدول الغربية التي استعمرت بلادنا لعقود وقتلت ألاف المقاومين والأبرياء بعد أن استولت على ثرواتنا وتركتنا نعاني مخلفات تلك الحقبة السوداء التي لا تقل سوادا عن حاضرنا .... بتعويضات عما فعلته بنا ! ليس هم الذين رفضوا بل نحن الذين لم نتجرأ على مثل هكذا طلب... وليسوا هم الأقوياء بل نحن الضعفاء رغم عناصر القوة التي نمتلكها لكن بعض قادتنا لا يحسنون توظيفها وأحيانا أخرى لا رغبة لهم في ذلك .... انظروا كيف رفضت كل الحكومات الفرنسية المتعاقبة تقديم مجرد اعتذارا للشعب الجزائري عن الجرائم ارتكبتها القوات الفرنسية التي كانت تحتل عدة دول مغاربية مثل تونس والجزائر
إنه ذل واحتقار لكرامة العربي ،والمسلم ما بعده ذل لحق بشعوبنا التي تمثل في نظر الدول الإمبريالية المتغطرسة قطيعا من الأغنام وضعوا على أبواب حراستها ذئابا، ونعاجا .... أليس التعويضات التي قدمتها ليبيا لأهالي ضحايا لوكربي رغم عدم إدانة المقرحي إدانة واضحة بالبراهين والحجج الثابتة فتحت شهية الطامعين في الثروات الليبية ،بعد أن قدمت الأخيرة أوراق استسلامها لهم لإنهاء الحصار الظالم دون قيد أوشرط عن حسن نية ! فوجدت سوء النية في انتظارها ستعاني الكثير منه في المستقبل كما بعض الدول الإسلامية الأخرى إن لم يتصدوا لهذه الهجمة الابتزازية بصوت واحد وكلمة موحدة لضمان مستقبل أجيالنا القادمة....

مذابح الإعلام على أعتاب الديكتاتوريات....

المرة الألف أو المليون تذبح الصحافة العربية والإسلامية على أعتاب الديكتاتوريات ،وأعداء حرية التعبير في وطننا العربي المنكوب والبائس.... في ظل متغيرات دولية ليس لنا من سلاح نقاوم به المفسدون في الأرض بعدما تخلت الجيوش عن دورها والساسة عن حمايتنا على الأقل بدبلوماسيتهم "الناعمة "...لقد قرر أعداء الحرية غلق قناة العالم ومنعها من البث على القمرين الناي لست والعربسات ولم تمنع من البث على الأقمار الغربية .جاءت هذه الخطوة القبيحة لتكشف مرة أخرى زيف وبهتان الذين يتشدقون بالديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير وهم في الحقيقة أبعد من ذلك بكثير عن شعاراتهم الجوفاء ،وأمام عجزهم ،وكشف عوراتهم لم يجدوا بدا سوى ردة الفعل الخبيثة كما تعودنا منهم فعمدوا إلى تكميم أفواه صرح إعلامي أظهر انحيازه لقضايا الأمة ومصيرها المر والمجهول...

في ظرف سياسي يتهاوى أمل تطورنا وتقدمنا ووحدتنا والبحث عن حلول جذرية لمشاكل مصيرنا المشترك يوما بعد يوم ،وأزمات اقتصادية خانقة وإطباق إسرائيلي وغربي على هذه الأمة المسكينة يسارع البعض من أصحاب القرار لذبح وسائل الإعلام من الوريد للوريد دون أن يبالوا أو يستحوا... ،وبدأت حملة مسعورة وشعوا غير مسبوقة خلال الفترة الأخيرة الماضية على الإعلاميين العرب ووسائلهم في طول البلدان العربية وعرضها في حين يتقدم الإعلام الغربي وخاصة الإسرائيلي بوتيرة كذلك لا سابق لها من أجل تقدم بلدانهم وتطويرها وتحديثها تحت قبة إعلام حر يقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت وفي الضفة العربية المقابلة يجري قمع الصحفيين ومصادرة حقوقهم وأرائهم بشكل مقنن وفي أغلب الأحيان بطريقة همجية مفضوحة الأهداف والغايات ...
وإذا عدنا للوراء قليلا واستحضرنا اجتماع وزراء الإعلام العرب والقرارات التي تمخضت عنه ومجملها ظاهرا وباطنا الضرب من حديد لمن تخول له نفسه التطاول على "الأسياد" وأثارت حفيظة البعض القليل من الدول العربية وكل الحقل الإعلامي نستنتج أن خطة غلق قناة العالم جاءت إطار تفعيل تلك المقررات ونحن نعلم علم اليقين أنهم غير قادرين على أكثر من ذلك...
لا غرابة في فيما فعله أعداء الحرية الإعلامية ،ومصادرة الرأي الآخر لأن صدورهم ضيقة كرؤيتهم للتحولات التي تجري من حولنا وهم في قصورهم ومنتجعاتهم ينعمون فلا يريدون من إعلامي أو وسيلة إعلام حرة أن تزعجه أو تفسد عنه حياته السعيدة على رأس قيادة شعب بائس وفقير وحزين....
هذه الخطوة الأولى على درب معاقبة ومحاسبة كل إعلامي ووسيلة إعلام تخرج عن بيت الطاعة العربية التي أوصلتنا إلى هذا الدرك الأسفل من التردي الذي لم يبقى فيه سوى بعض وسائل الإعلام العربية والإسلامية التي تبحث عن إنارة طريق شعوبنا وأمتنا وتكشف لها بعض المخططات الجهنمية التي تحاك ضدنا من أجل العودة بنا إلى العصور الغابرة ،لأن حتى الغرب الذي يتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الصحافة التي يعيشونها في بلدانهم بأحقية إلا لغايات في نفس يعقوب لأنهم يدركون أن الساسة والقادة العرب لا يحتملون هذه المفاهيم والاستحقاقات الداخلية التي لم يتعودوا عليها وبذلك سيحدث شرخا كبيرا بين مكونات مجتمعاتنا مما يسهل عليهم عمليات الضغط على الحكومات من أجل تنفيذ ما يطلب منهم في أمن وأمان ... وإلا لماذا أوقفوا قناة المنار عن البث بأقمارهم الصناعية، ومخططهم الجهنمي لقصف قناة الجزيرة إبان الحرب على العراق...
.لقد أصبح واضحا اليوم أن برنامج أغلب الحكومات العربية المتمثل في ضرب كل الأصوات الإعلامية الحرة التي يعتبرونها "نشاز" رغم أن الأمة اليوم في مفترق طرق كلها مكللة بأشواك من صنع الامبرياليين والديكتاتورين ومن يواليهم ومخاضها عسيرا لأن الجنين المرتقب يبدو ميتا وعلى الإعلام العربي أن يقول إنه حي يرزق إذا قال حكامنا ذلك...وإذا لم يتعقلن هؤلاء المانعين لحرية الإعلام وحق الإعلاميين في التعبير وفق أخلاقيات المهنة سيصبح أغلب مدبري المكائد لصاحبة الجلالة على ما فعلوا نادمين....