سياسة مجتمع اقتصاد

2009/07/28

رثاء فارس بالدمعة والابتسامة.....




بسم الله الرحمان الرحيم الرحيم
ياأيتها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك راضية مرضية فأدخلي في عبادي وأدخلي جنتي"
صدق الله العظيم

إلى روح الفقيد، المرحوم محمد صالح العياري العم المثالي قبل القاضى الفاضل ووزير العدالة ،والمربي الفاضل لأجيال في مادة القانون وسبل تطبيقه بغاية تحقيق العدل والرفع من هيبة العدالة وسلطة القضاء ،والقدوة الحسنة لرجال القانون، وعائلته الموسعة التي تعلمت منه أصول الأخلاق ،والقيم الإنسانية النبيلة ،والتكافل الاجتماعي في أبهى صوره.....


في البدء كان الخبر...وكانت الفاجعة....وفي النهاية ،كانت النهاية المحتومة التي كتبها الله على كل مخلوقاته....وكان الفراق والألم، بل ألاما.....وما بين البداية والنهاية قصة....قصة حب لقدوة قل نظيرها امتدت طويلا .... لكنها في الأخير أبت هذه القصة أن تستمر ....حتى تستجيب لحكمة الكون .... وتؤكد لنا أن كل من عليها فاني....والفناء هو القاعدة الأزلية لقوانين الطبيعة....
صحيح أننا في لحظات الفراق المر للأحبة نرفض هذه القواعد و نريد أن نتمرد على هذه المسلمات ....لكننا سرعان ما نعود خاضعين صاغرين لمشيئة الله ونمتثل لأوامره، وقضائه وقدره المتأتية من السماء... كما كان الذين تطلق عليهم أحكامك القانونية العادلة في الأرض طوال عقود من الزمن، شهدت لك في حياتك ،وسيتواصل إرثك الجميل،والناصع بعدالتك التي أمضيت حياتك من أجلها ، تتوارثه الأجيال القانونية جيلا بعد جيل حتى بعد وفاتك التي لم ولن تنتهي إلا جسديا ...
ليس هناك فرقا بين حكم الله على خلقه،وحكم الإنسان في الأرض على عباد الله سوى العدل والعدالة ....وما بينهما كانت لك صولات وجولات لم ولن تمح من ذاكرة تاريخك المجيد، ومن عقول كل من عرفوك وعاشروك وأحبوك ....وحتى الذين تذوقوا من عدلك حلاوته ومره ...من رجال القانون ،والساسة ورجال الإعلام ،وعائلتك الموسعة التي ترك فراقك في نفوسهم لوعة، وحزن لن تمحوهما مرور الأيام بسهولة.....فجرح فراقك من الصعب أن يندمل ،بعد الذي حضيت به من حب واحترام ...تربت عليه كل أجيال أسرتك الصغيرة وعائلتك الكبيرة....
نزلت من مملكتك....وترجلت كالفارس ...ليس لتحقيق مجد ،لأنك كنت المجد ذاته....وستبق كذلك على الأقل عند الأحبة...لكن إلى النهاية الأبدية المحتومة على كل مخلوقات الأرض ...المهم أيها الفارس أن يبق الصرح الذي بنيته شامخا ،عاليا نحميه برموش أعيننا من الشمس الحارقة و بأرواحنا من العواصف الهوجاء...ولن نترك مخالب الزمن الغادر يأخذ منه كما أخذك القدر منا دون تصريح منك، أو موافقة من محبيك الذين عجزت دمعتهم عن النزول من هول الفاجعة ...
نم هنيئا في ثراك يا من كنت كل شيء في حياتنا.... ستستمر المملكة التي تركتها تتلألأ نورا وضياءا،و لن تنطفئ أبدا طالما كنت سلفا لأحسن خلفا....
هل مازال بعد فراقك ،في القلب متسعا لتعويض مكانك الذي انتزعته منا عن طواعية بل بلا شعور .... !؟ لا أظن ذلك لأن حبك حفر فيه عميقا ....وقوتك الناعمة فعلت بنا مفعولها السحري وجعلتنا لا نستطيع التقدم إلا خلفك لأنك كنت رمزا في التحدي والمثابرة والصمود من أجل التقدم في حياتك المهنية والعائلية وكان لك ما أردت....،فحلمك وأتساع صدرك كان أكبر وأقوى ،وأعظم....من أن يملأ شيء آخر الفراغ الذي تركته في نفوسنا الحائرة،التي كانت تطير بجناحيك ،وترفرف عاليا مفعمة بالحب والأمل،تغني لنا من الأشعار التي حفظتها أجمل الألحان ...ألحان الصدق والوفاء،والكرم الذي لا يعرف الحدود ،وعفوك رغم مقدرتك دوما يرافقك لم تتنازل عنه وهو لم يتخلى عنك....
أنت أيها الفارس من أنتج من مادة الضعف عناوين قوة تتصعد شماريخا مقهقهة في سماء مطاردة رسمت على صفحة الفضاء المثخنة عناء العزم والبناء وصعود الجبال التي رحبت بمكوثك على قممها وبكت بكاء الثكلى عند رحيلك....
الليلة الأولى من فراقك أيها الفارس كانت ليلة عصيبة فيها الأرق اللعين....ما هللت في الكون صلاة الحرف في محراب البعد الآخر.
مايزال لدي لك الكثير الكثير فيما يمكن أن أقوله عنك ...لكن ما بيدي حيلة فالفكر بعد فراقك صار كالصحراء شاسعا وخاليا...سوى من أبيات شعرية أتطفل بها عن الآلاف التي كنت تحفظها ....


أواه من موتك الفجئي أواه أواه من غصنك المكسور أواه
يا عبرة من صميم العين قد جمدت لما علمت بأن الموت أفناه

2009/07/18

كلينتون وكشف الأوهام والمخططات.....

قبل مجيء أوباما على رأس الدولة التي تقود العالم ومصدر قهرنا وتفككنا وهزائمنا المتتالية والمتلاحقة منذ تفردها بالسيطرة والتوحش على العالم الذي عملت على إخضاعه وجعله تابعا لهيمنتها منذ الحرب العالمية الأولى ولم يكفيها ما فعلته بنا خاصة منذ مطلع التسعينات فقتلت وفتكت وشردت من شعوبنا التي سالت من دمائها ما يغرق اللقيطة إسرائيل التي شاركتها جرائمها بأكثر وحشية وعدوانية وتغولت في منطقتنا العربية التي أصبحت ذليلة ومهزومة ومطأطئة الرأس والأعلام ما عدي الثلة الشريفة المقاومة ومن والاها ولم ينبطحوا ولن يكونوا كذلك فصفق وهلل من تعودوا على التصفيق حتى عند تشييع جنائزنا التي قتلها صمت الصامتين وجبن الجبناء وتواطئ المتواطئون وظنوا أن يوم الفتح المبين آتي من بلاد العم سام وأن عربدة إسرائيل في طريقها للزوال ليس بقوة سواعدنا المفتولة وبأسلحتنا التي ينتظرها سوق الخردة بفارغ الصبر وبعقولنا التي جمدها وكبلها هواة التجميد والتكبيل. بل بالحماسة التي خاض بها الكهل الإفريقي الأسمر انتخابات الرئاسة الأمريكية، وفاز بها وأستمر بعدها بوتيرة تنخفض امال الحلول العادلة التي ظلت معلقة طويلا، وترتفع حسب الأحداث والأوضاع والمتغيرات والقضايا العربية على حالها. بل تزداد تعقيدا وتفككا وخاصة القضية المركزية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي-
لقد قلنا عنها في عديد المقالات في صحف مختلفة ومازلت مصرا على أن الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما لن يستطيع فرض حلولا لا تقبلها إسرائيل، بل سيزداد تعنتها إلى درجة الخضوع الأمريكي لمشيئتها ومخططاتها، ولو بأوجه تمويه أخرى ومناورات جديدة تحافظ بها الحكومة الأمريكية على ماء وجهها أمام الشعوب العربية والإسلامية التي فقدت الأمل تماما في تغيير السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل التي قصفت سنة 67 عمدا ومع سابق التخطيط البارجة الأمريكية ليبرتي قبالة السواحل الإسرائيلية التي جاءت لمراقبة الوضع في المنطقة والتجسس على كل من يتدخل في منطقة الصراع وعلى متنها عشرات من الضباط والمختصين في فك شيفرات أغلب اللغات ومات منهم عددا وجرح عددا آخر من الأمريكان الذين كانوا هم وقادتهم في واشنطن على يقين بأن الهجوم متعمدا رغم معرفة إسرائيل بأن السفينة أمريكية وتحمل الأعلام الأمريكية،ورغم ذلك عجز ثماني رؤساء أمريكان سابقين على فتح مجرد تحقيق في الحادث رغم المطالبات بذلك من طرف أجهزة عليا ومؤثرة في القيادة الأمريكية وما ظهور وزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون هذه الأيام وتطالب الحكومات العربية بتهيئة شعوبها لقبول إسرائيل في المنطقة إلا كشف غير مباشر على عجز أمريكا أمام إسرائيل وعدم قدرتها على إقناع الصهاينة بإيقاف الاستيطان وحل الدولتين على أساس عادل وعدم استعدادها للتصادم مع ربيبتها أو حتى مجرد ضغط عليها يؤدي إلى برود وفتور في علاقتهما.
لقد كشفت السيدة كلينتون في خطابها الأخير زيف الأحلام والأوهام التي أرادوا إقناعنا بها لأن الذاكرة العربية تبدو قصيرة ولم يتعلم بعض الساسة في منطقتنا العربية المنكوبة أن أمريكا لم ولن تغير سياستها وتعاملها مع الكيان الصهيوني من أجل العرب وقضياهم التي يعرفون – الأمريكان -جيدا وعلى يقين بأنها عادلة لكنهم – العرب- مازالوا يبحثون عن شبه موقف موحد وتوجه مشترك تجاه قضايا مصيرية لا تحتمل مزيدا من التشرذم والتأجيل لأن التعامل الأمريكي وسياستها الخارجية تعتمد أساسا على مصالحها لا غير وهي التي ترى في الحفاظ على هذه المكاسب والمصالح في هيمنة وسيطرة وغطرسة إسرائيل على المنطقة برمتها وليس في العرب التي لا ترى أنهم قادرون على ضمان ما كسبته وما حققته من سيطرة بالسياسة والمناورات وفي أغلب الأحيان بقوة النار مثل ما فعلت في العراق من ثرواتنا العربية التي أصبحت معظم شعوبها تعيش على الفتات المتبقي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع .
كما حمل خطاب كلينتون عدة إشارات لا تخلو من دلالات خطيرة ،وعميقة لا تبشر بخير إلى جانب ما سلف ذكره فالخطاب تضمن رسالة موجهة للعرب مفادها لا تتشددوا كثيرا في المطالبة بالحقوق المشروعة التي تنادي بها حركات المقاومة ومن يواليها وفي نفس الوقت وأمام الوضع الإيراني الذي بات على حافة الهاوية بين الاضطرابات الداخلية التي إذا تعقدت الأزمة ستستغلها إسرائيل وأمريكا لتوجيه ضربة قاسمة لإيران تحقق من ورائها هدفين لطالما تمنتهما قوتا الشر في هذا العالم –أمريكا وإسرائيل-وهما تدمير المنشآت النووية الإيرانية وإسقاط الحكومة الحالية التي أصبحت في وضع محرج وخطير وغير قادرة على الصمود إذا اندلعت الفوضى الشعبية التي يحضرونها عبر أدواتهم في الداخل الإيراني بعد الهجوم العسكري الذي تطبخ عملياته ونتائجه بين ثنائي التوتر في هذا العالم وبذلك يتحقق هدف ثالث لا يقل أهمية عن الأول وهو عزل القوى المدعومة من إيران مثل سوريا وحركات المقاومة وتصبح هذه القوى الممانعة تفتقد لسند قوي ورئيسي مما يسهل على هؤلاء الغزاة والمحتلين ومن يساندهم في مخططاتهم الجهنمية جعلها –القوى الممانعة – فريسة سهلة لم يبق أمامها سوى الامتثال للأوامر التي تأتيهم من إسرائيل والخونة والعملاء في المنطقة العربية التي يتمن البعض فيها تحقيق هذا السيناريو أكثر من الصهاينة أنفسهم
ومن هنا يبدأ الفصل الجديد من التغييرات في المواقف، والسياسات والخطط المرسومة لمستقبل المنطقة محوره الأساسي لتنفيذها يعتمد على مدى استقرار الوضع الداخلي في إيران التي أصبح واضحا أنها تمسك بكل خيوط الحلول والمعارك الدبلوماسية والعسكرية والتشابكات، وعلى أكثر من اتجاه إن لم نقل في كل مناطق الاضطراب والنزاع سوى في أفغانستان أو في العراق كما في قضايا الشرق الأوسط التي صارت فيها إيران لاعبا أساسيا ومحوريا لا يمكن تجاهله أو إقصائه ، وهذا الموقع الذي أخذته الجمهورية الإسلامية في مسرح أهم الأحداث الدولية وعرقلتها لعدة مشاريع وحلول كانت ستكون بمثابة الكارثة على المنطقة وعلى العالم مثل مخطط الشرق الأوسط الجديد هي التي عمقت العداوة بينها –إيران – والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من جهة، وحلفائهما الذين أصبحت تدخلات إيران في قضايا كانت حكرا عليهم تمثل لهم هاجسا وكابوسا مخيفا ومرعبا من جهة أخرى لأن هؤلاء –المستعربين- كذلك لهم مصالح ومخططات لا يستطيعون تنفيذها بهدوء وسلام في ظل تنامي الدور الإيراني وتعاطف معظم الشعوب العربية والإسلامية والحركات التحرر العربي معها ومستعدة لمساندتها إذا ما تعرضت لاعتداء من الصهاينة أو أمريكا وهذا ما سيحدث إذا ما راهن أعداء إيران على الفوضى الداخلية بعد أن يتهيأ لها المناخ المناسب قبل إتمام المهمة بهجوم عسكري يدمر أحلام وأمال الذين تعتبرهم قوى أللإمبريالية والديكتاتورية في العالم المتشددين في إيران وتعتبرهم حجر العثرة أمام تحقيق مزيدا من المكاسب والثروات والنفوذ في المنطقة العربية وتركيع شعوبها بالذل والهوان بعد أن فقدا –أمريكا وإسرائيل- الأمل في تطويعها، وكسب ودها، ومحو الكره العميق الذي ترسخ في ذهن وفكر وثقافة هذه الشعوب ،نتيجة المآسي والمصائب التي حلت بها من جراء سياستهما العمياء.

2009/07/03

بعد الأزمة الإيرانية المنطقة في حالة مخاض جديد

طوال فترة الصراع الداخلي منذ إغتيال الرئيس الحريري والقادة السياسيون اللبنانيون يعبئون الشارع إلى أن طغى الكره والحقد على قلوب أنصار كلا الفريقين وأصبحت كل الطوائف تعبر عن حقيقة توجهات زعمائها الذين يواجهون مأزق الاختلاف السياسي والاقتتال في الشارع والدليل على ذلك المناوشات المسلحة بين أنصار الحريري وهرم السياسة اللبنانية نبيه بري رغم موافقة كتلته النيابية على تولي سعد الحريري تشكيل الحكومة وتوليه رئاسة الوزراء في الفترة المقبلة التي ستكون حبلى إما بنتائج إيجابية أو الأقرب خلافات داخل كل الكتل والتحالفات وستكون لادة الحكومة الجديدة عسيرة أو بعلية قيصرية مبتورة جناح طيرانها الرئيسي مما يجعلها عاجزة عن التحليق في سماء الشعب اللبناني الذي كفر معظمه بالسياسة والسياسيين الذين أفقدتهم المذهبية والطائفية البصر والبصيرة وزادت الهيمنة الخارجية على المشهد اللبناني بؤسا وتفرقة أكثر من أي وقت مضى.
أما الوضع الفلسطيني فحدث ولا حرج ,فلا يمكن أن نقول عنه إلا مسكينة تلك الأرض المعطاءة الولودة لأبطال وبطلات التضحية والنضال من أجل تخليصها -الأرض-من براثين مجرمي القرنين
غريب أمر القضية الفلسطينية والأغرب منها الوضع الداخلي الذي أصبح مقرفا ومقززا إلى حد الغثيان والهذيان فإسرائيل تحتل أرض المعراج وتهود القدس وتشرد أهلها وتعتقل شرفاء الشعب الفلسطيني يوميا وبسجونها أكثر من 11 ألف أسيرا وزعماء هذا الشعب المنكوب يتحاورون لشهور وسنوات تحت طلقات البنادق ويعتقلون بعضهم البعض ويتفاوضون على إطلاق سراح أبنائهم من سجونهم وكأن بعضهم محتل البعض الآخر.
إنها نكبة ما بعدها نكبة في هذا الزمن الردئ كرداءة البعض الذين يزعمون القيادة وهم الذين لا يتحكمون حتى في ملابسهم .فالكيان الصهيوني ضرب ويضرب بالقوانين الدولية ومطالبة زعماء هذا العالم بإيقاف الاستيطان عرض الحائط ويعذب الشعب الفلسطيني يوميا بمئات الحواجز المتناثرة في كل مكان ويحاصر بقية الشعب الذي خلفته آلته الحربية الصهيونية على قيد الحياة يتضرع جوعا وألما ويندب حظه المنكود الذي جعله بين مطرقة قادة يتنازعون على اللاشئ ومختلفون في كل شئ وبين سندان عدو لا يرحم ولا يعرف للرحمة معنى وللأنسانية عنوانا .
فحتى التغييرات الدولية الحاصلة على مسرح الأحداث والقضية الفلسطينية تتصدر الطليعة لم تغير مواقف البعض الذي ركب سفينة خاطئة فقدت البوصلة وتخلى عنها أغلب ركابها وهم لا يدركون أن مآلها الغرق إن لم يسارعوا إلى شاطئ النجاة .
إن الحوار الفلسطيني _الفلسطيني أصبح مهزلة سياسية وأضحوكة البلهاء وصدمة للشرفاء في هذه الأمة التي دفعت الكثير من مالها ودمها وجهودها من أجل الحفاظ قضية وهوية تلك الأرض الطيبة والشعب الجبار الذي لم ولن يلين أمام غطرسة عدو متوحش وغبي ومجرم حرب لا يعرف للإنسانية مطرحا وللعدالة عنوانا همه القضاء على شعب أعزل من أرضه وسلب عرضه دعمه في ذلك الانقسام الداخلي الذي تغذيه بعض الأطراف الخارجية التي لا تؤمن بالمقاومة ولا بالشرف العربي ولا بالمقدسات الدينية....
أما المشهد الإيراني الذي دخل مرحلة انتقالية من الصمود والالتفاف الشعبي القوي حول النظام إلى التصدع والهزات الإرتجاجية التي ضربت عمق الوحدة الإيرانية التي تربى معظم المتنافسين على الانتخابات في حضن الثورة الإيرانية الخمينية التي أسست لمبدأ ولاية الفقيه ونجحت فيه إلى حد كبير جدا لكن التصدع الذي أصاب النظام الإيراني وما أسسته الثورة سيلقي بضلاله على المستقبل الإيراني وتأثيرها على العمق الإستراتيجي لأمن المنطقة التي تحتل الجمهورية الإسلامية الإيرانية مكانة متقدمة جدا في التأثير في مجرى هذا الأمن الهش ...
فالشعب الإيراني خرج من تحت عباءة الإنغلاق ويطمح البعض فيه إلى الوضع السياسي الذي يتبناه موسوي وكروبي إلى تغيير السياسة الإيرانية خاصة الخارجية منها التي يرغب الغرب وخاصة أمريكا في ما يدع إليه الثنائي اللذان نافسا نجاد وانهزما أمامه في الانتخابات الأخيرة.
صحيح أن النظام الإيراني خسر كثيرا معنويا بعد الانتخابات الأخيرة وفقد جزء من هيبته التي عملت عدة أطراف خارجية للوصول إلى ذلك لكن القوة والتأثير في مجريات الأحداث الدولية خاصة في شرق آسيا أو في العراق كما في أحداث منطقة الشرق الأوسط لم ولن تتغير بل سيزداد تصلبها وتحديها لقطع الطريق أمام من راهنوا على إسقاط أحمد نجاد الذي يعتبر من أقوى وأصلب رئيس إيراني بعد مربيه ومعلمه الإمام الخميني.
ومن يراهن على تراجع النظام الإيراني في دعمه لعناصر قوته في المنطقة العربية مثل حزب الله أو حركات المقاومة في فلسطين أو في عدة مواقع أخرى فهو واهم ورهانه سيكون خاسرا كما خسر في مراهنته على تغيير النظام الذي تأسس على فكر ليس بالسهل إختراقه أو تغيير مناهج تفكيره وتوجهاته التي قطع فيها منذ ثورة أواخر السبعينات أشواطا كبيرة وعميقة على أرضية شعبية صلبة بالفكر والعقيدة.